الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف السبيل إلى الزواج وإمكاناتي لا تسمح؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أسأل الله أن يبارك في جهودكم وعملكم, وأن ينفع بكم عموم المسلمين.

أنا شاب ملتزم ولله الحمد, منّ الله علي بالهداية قبل سنة بعد أن كنت أرتكب المحرمات والمنكرات, وبقيت عشر سنوات وأكثر أمارس العادة السرية, تبت إلى الله مرات كثيرة ثم أعود, والآن تبت إلى الله وثبت على ذلك, والحمد لله على ذلك.

قصتي أنني قبل الهداية كنت مفتونا بالنساء والنظر للأفلام الإباحية بكثرة, والصور, وكنت كثيرا ما أتعذر بعدم الزواج نظرا لظروفي, وعدم امتلاكي لتكاليف الزواج, وأيضاً كنت أقول عن نفسي أني عقيم بسبب ممارستي للعادة السرية سنوات طويلة, وأكثر من مرة في اليوم.

الحمد لله تركت كل ذلك, وعدت إلى الله, وأحسست بلذة الطاعة والعبادة, ولكن خواطر الماضي لا زالت تعشعش في رأسي, وكنت كثيرا ما أتألم عندما أرى رجلا وزوجته يسيرون سويا, وفعلاً رأيت بأني أعاني مرة أخرى من فتنة النساء, وأريد الزواج ولا أملك الإمكانيات لذلك بسبب إعالتي لعائلتي, وأيضا لضعف مرتبي في زمن أصبح غلاء المعيشة السمة السائدة فيه.

أعاني كثيرا, وأدعو الله بأن يقوي إيماني, ويربط على قلبي, ويشرح صدري, ويعينني على ما أمر به, حتى أني أجاهد كثيرا في غض بصري, وفشلت رغم التزامي ومحاولتي حفظ القرآن الكريم, والمنافسة في الأعمال الصالحة.

لا أعلم ماذا أفعل, وأعي جيدا بأن الله لن يضيعني, وأن أحسن الظن به, ولكن الوساوس تراودني, وأخاف أن أزيغ بسبب ما أمرّ به, وأتردد كثيرا في محادثة والدتي بذلك؛ نظرا لقلة الإمكانيات, وضعف الراتب, وأيضا لخوفي من عدم ممارستي للمعاشرة الزوجية بشكل طبيعي, وخوفي من عدم تقبل الأسر أو الفتيات لقلة إمكانياتي.

أرشدوني بارك الله فيكم, وادعوا لي بأن يوفقني ويفتح لي من أبواب فضله وكرمه.

جزاكم الله كل خير, وأجزل لكم الأجر والمثوبة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سيف عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نشكر لك التواصل مع الموقع, ونهنئك بهذه التوبة, ونسأل الله لك التوفيق والسداد، وهنيئا لك على هذا الثبات وعلى هذا الخير الذي جعلك تذوق لذة الطاعة, فإن لذة الطاعة وحب الله تعالى يجعل الإنسان يشتغل بهذه المعالي -معالي الأمور- ونسأل الله أن يحفظك, وأن يسددك, وأن يلهمك السداد والرشاد, هو ولي ذلك والقادر عليه.

ونتمنى أن تطوي صفحة الماضي إذا ذكرك الشيطان بما كان يحصل, وعليك أن تتعوذ بالله من الشيطان, ثم تجدد التوبة والرجوع إلى الله، وأرجو أن تكثر من الحسنات الماحية, فإن الحسنات يذهبن السيئات, كما نرجو كذلك أن تجتهد في غض البصر؛ لأن الإنسان إذا غض بصره أراح نفسه، فالله هو القائل: { قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} وما نتيجة ذلك؟ أزكى لهم وأطهر لنفوسهم وأطهر لقلوبهم، فلا يوجد عمل يعين على العفاف مثل غض البصر, وعدم النظر في الغاديات والرائحات؛ لأن هذا هو السبيل الذي يجعل الإنسان يجد حلاوة في قلبه لا تعادلها حلاوة، فمن غض بصره وجد حلاوة في قلبه لا تعادلها حلاوة، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله تعالى خيرا منه.

أما بالنسبة لمسألة الزواج، فنحن ندعوك إلى أن تجتهد في توفير ما تستطيع, ثم بعد ذلك تعرض الأمر على الوالدة، وأرجو أن تعلم أنه ما من إنسان يريد الزواج بصدق إلا أعانه الله تعالى على بلوغ الحلال, ومن الذين يعينهم الله تعالى: الناكح يريد العفاف، وأيضا هناك دور للمجتمع المسلم, فأرجو أن تجد من يناصر ومن يعاون على هذا الأمر؛ لأن الله خاطب أهل الإيمان فقال {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} كأن يقول قائل: من أين الفلوس؟ ومن أين كذا؟ فقال رب العزة والجلال { إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} وآمن السلف بهذه الآية, وأيقنوا بها, فكان قائلهم يقول التمسوا الغناء في النكاح.

وأرجو أن تعلم أن الزوجة تأتي برزقها, والإنسان عليه أن يوفر بعض الأموال التي تعينه على عمل مناسب, ثم بعد ذلك الأمور ستكون في منتهى السهولة.

كما أرجو أن تبحث عن عمل إضافي, وتجتهد في تطوير نفسك, وتسعى, والرزق من الله تعالى، حتى يحصل لك ذلك فإن الله يقول: { وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ }.

نسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد, وأن يعينك على الخير, هو ولي ذلك والقادر عليه.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً