الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من قلق وخوف وتوتر أثر على علاقاتي العائلية والاجتماعية

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أبلغ من العمر 43 عاما، متزوج ولدي 4 أولاد، أعاني من أعراض كنت أظنها عادية، وكنت دائما أجد لنفسي المبررات لها، وأصور لنفسي أنها عادية تحصل لأي شخص في مكاني، ولكن بعد التمعن والمقارنة والمتابعة اتضح لي أنها غير طبيعية، وأنها ردود أفعال مبالغ فيها، ولا داعي لتهويل الموضوع وإعطائه أكبر من حجمه.

الأعراض هي: الخوف والقلق والتوتر بدون سبب، ولأتفه الأسباب، وأحيانا بدون سبب لموقف لست معنيا به، أتصوره على نفسي وأبدأ القلق والخوف منه، والتوتر بشكل ملحوظ، وهذه الأعراض جعلت مني إنسانا محطما، وبلا عمل، بعد أن تركت عملي بسبب هذه التفاهات؛ لأني لم أعد أقدر على اتخاذ أي قرار، وأي قرار أتخذه مهما كان مدروسا من كل الجوانب، وكنت مقتنعا به في حينها، بعد تنفيذه أندم عليه ندما شديدا، وأبدأ بلوم نفسي وتأنيبها.

لذا أصبحت شخصا غير قادر على اتخاذ أي قرار، ولا أملك الثقة بالنفس للعمل ومواجهة الناس، والخجل والخوف، حتى من المطالبة بحقوقي لدى الناس، ولم أعد أتمتع بأي شيء، ولا أحس بطعم الحياة وجمالها، وتحولت إلى شخص أفكاري سلبية، ومتشائم من كل الأشياء حولي، وهذا يسبب لي الحرج مع عائلتي، رغم أني لا أظهر حالي أمامهم، وأتظاهر دئما بأني عادي، وأضحك معهم، وأخرج معهم، ولكن ذهني شارد بأشياء ودوامات من التفكير، مما يجعلني قليل الكلام، وملتزما للصمت أغلب الأحيان، ولا أتكلم إلا لمجرد الرد فقط وعلى سؤال، وبمزاج متوتر أغلب الأحيان.

أنا أصلي واقرأ القرآن دائما -والحمد لله- ومؤمن بالله، وأنه بيده كل شيء، الخير والشر، وأنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، وأستعين دائما بالأدعية والأذكار والتسبيح والاستغفار، إلا أني لم أتخلص من هذه الأعراض مما يزيدها، ويشعرني بالتقصير وضعف الإيمان -لا سمح الله-.

أرجو منكم تشخيص حالتي ومساعدتي، وأنا شاكر لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو حسين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

وصفت حالتك بصورة جميلة جدًّا وواضحة ومعبرة، والأعراض التي تعاني منها هي: القلق والخوف والتوتر، لكن ما أوردته من أوصاف تفصيلية يوضح وبجلاء أن الخلفية الحقيقية لديك من حيث حالتك النفسية هو وجود اكتئاب نفسي، وكثيرًا ما يختفي الاكتئاب النفسي وراء أعراض التوتر والقلق، خاصة في مثل عمرك؛ حيث إن الاكتئاب النفسي الحقيقي البيولوجي يبدأ في معظم الأحيان بعد عمر الخامسة والثلاثين.

هذا النوع من الاكتئاب لا شك أنه اكتئاب بيولوجي، ويستجيب للعلاج الدوائي بشكل ممتاز جدًّا، لكن من الضروري أن يكون هنالك التزام بتناول الدواء، واتباع الارشادات والمتابعة الطبية؛ لذا أقترح عليك أن تذهب وتقابل أحد الأطباء النفسيين الذين تثق فيهم، وقطعًا سوف يقوم الطبيب بإجراء بعض الفحوصات العامة لك، مثل: التأكد من مستوى الفيتامينات خاصة فيتامين (ب12) وفيتامين (د) وكذلك وظائف الغدة الدرقية، ومستوى الدم، والسكر، والدهنيات، ووظائف الكبد والكلى... هذه فحوصات روتينية لكنها ضرورية.

بعد ذلك سوف يصف لك الطبيب أحد مضادات الاكتئاب، وأعتقد أن السبرالكس والذي يعرف علميًا باسم (إستالوبرام) سوف يكون هو الأفضل، خاصة إذا التزمت بتناوله لمدة لا تقل عن ستة أشهر على الأقل، والجوانب العلاجية الأخرى هي:

1) أن تسعى دائمًا لاستحواذ الفكر الإيجابي، ولا تجعل الفكر السلبي يستحوذ عليك.
2) التواصل الاجتماعي.
3) الالتزام بالعبادات، وأنت -الحمد لله تعالى– رجل نحسب أنك في معية الله دائمًا، فجزاك الله خيرًا على ذلك.
4) ينبغي أن تتذكر أن لديك أمورا عظيمة إيجابية في حياتك، وهي: الزوجة، الذرية، الصحة -إن شاءَ الله تعالى– العمل، الأهل، التواصل الاجتماعي... هذا كله يفيدك.

كما ذكرت لك: الحالة حالة اكتئابية في المقام الأول، وليس هنالك ما يشعرك بالتقصير، هذا من الاكتئاب، وأنا أؤكد لك أنه مرض يصيب البر والفاجر والغني والفقير، وليس دليلاً أبدًا على ضعف في إيمانك، أو تدهور في شخصيتك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • العراق wes ali

    السلام عليكم اخواني وانا اعاني من نفس اعراض الاخ بنسبة 90% ولكن حالتي في الليل فقط ولدي خفقان في القلب والخوف من توقفه بدوون سبب نسأل الله الشفاء العاجل لي ولكل مرضانا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً