الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي يهينني ولا يهتم بي ولا بأبنائه، هل أطلب الطلاق؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا متزوجة منذ ما يقارب 13 عامًا، وقد كان زوجي ولا زال يهينني، ويقلل من كرامتي، ويشتم أهلي، وقد جربت كل الطرق الممكنة، ففي بداية حياتي معه كنت أكتفي بالبكاء، لكن دون جدوى، ثم أصبحت أتبادل معه الإهانات لكنه لم يتوقف، ثم جربت الرد بالحسنى فلم ينفع، وكنت دوماً موضع اتهام منه بأنني خبيثة، وأضمر الشر، وسيئة ولست كافية له، وأنني من حثالة القوم، ويعلم الله أني لست كذلك، لكني كنت دوماً أجد نفسي مجبرة للدفاع عن نفسي، حتى توصلت بعد هذا العمر إلى قناعة بعدم الدفاع، وعدم الرد، فمهما تطاول علي لا أجيبه، وأكتفي بالدعاء عليه أمامه حتى يكف أذاه عني.

كل ذلك مع تهديده المستمر لي بالزواج من أخرى، وبالفعل تزوج، ولكن حين بدأ الناس بالاستهزاء به لأن الأخرى أكبر مني سنًا، ولديها ابنة توشك على الزواج، ولأنني تركت منزله وطلبت الطلاق، فقام بالتراجع وطلق الثانية.

كما أنه يضعني وأبنائي آخر اهتماماته، فتركيزه كله لأخواته السبع، يقوم على خدمتهن ويعمل لهن، وكنت أصبر متذرعةً بأن خدمته لهن تعتبر من بره لأمه، لكن حتى بعد وفاة والدته لا زال على ذلك، وقد بدأ أبنائي في التذمر من ذلك.

عمري الآن 30 عاماً، ولي منه 3 أولاد، وقد تزوجته وأنا ابنة 17 عاماً، فكنت في البداية أصبر عليه لأنني أحبه، لكن اختفى الحب وأصبح صبري لأجل أبنائي، ولأنني لا أعمل ولا أستطيع أن أعيل نفسي، وبالرغم أن أبي وأمي مطلقان ولكل منهما حياته، لكن أمي تقول لي دائماً بأن بيتها مفتوح لي، فلا أجد بعد هذا كله مبرراً لصبري عليه، كما أني أعتقد بأنني لا أُؤجر على صبري، لأني أعتقد بأن المظلوم لو استطاع دفع الظلم عن نفسه –بطلاقي-، فلن يؤجر عن صبره وسكوته، وذلك لأنه اختار أن يكون ضعيفًا وأن يصمت.

كما تراودني نفسي أحيانًا أن ألجأ للتحدث مع أي شخص غريب عني، كي يشعر بي أحد، أو أن يشعرني باهتمامه وعطفه، وأن لا أكون متهمة من قبله بسوء، أعلم أني كبيرة لكني تعبت، ولا أجد من يسمعني أو يفهمني، فأمي حين تتعرض لمشكلة هي من تلجأ لي، وأبي بعث لي أنه غاضب علي، وقد حاولت مصالحته لكنه لم يرض، ولا يريد أن يخبرني بالسبب، ولعل ذلك سبب إطالتي في الحديث فعذرًا منكم، ما الحل؟

أرجو أن يسعني كرم أخلاقكم، وشكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Rola حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نرحب بك في الموقع، ونشكر لك الصبر على هذا الزوج، ونبشرك بأن لك الثواب عند الله تبارك وتعالى، وأن المرأة ينبغي أن تُدرك أنها تؤجر بصبرها على زوجها، وكثير من النساء يدخلن الجنة بصبرهنَّ على أزواجهنَّ، وإذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وأدت زكاة مالها، وأطاعت بعلها، دخلت جنة ربها، ومثل هؤلاء الرجال يحتاجون إلى السكوت عنهم، ونتمنى بعد سكوتك عن كلامه ألا تردي عليه بالدعاء عليه، بل عليك بالدعاء له ليكون في موازين حسناتك، واعلمي أن خير الأزواج عند الله خيرهم لزوجه، فكوني أنت الأفضل، لأن الدين يريد للزوجة أن تُحسن ليس لأن الزوج أحسن، لكن لأن الله أمر بالإحسان، ويوم القيامة سيحاسب هو على تقصيره، وستنالين أنت الجزاء على ما قمت به من عمل طيب.

ولذلك نحن نكرر: إساءة الزوج لا تُبيح للمرأة مقابلة الإساءة بالإساءة، وإساءة الزوجة لا تبيح للزوج أن يقابل شرها بشر، لأن ذلك إضافة شر إلى شر، ولكن المعاشرة بالمعروف لا تكتمل إلا ببذل الندى، إلا بالصبر على الجفاء، إلا بكفِّ الأذى، فاستكملي هذه العناصر الثلاثة.

وانتبهي لأبنائك، واحرصي دائمًا على أن تكوني الأفضل والأحسن، واعلمي أن العاقبة للصابرين، وأنك ستفوزين -بإذن الله تعالى– في نهاية المطاف، فاحرصي على رضا الله تبارك وتعالى، وتجنبي كل ما يجلب لك الهموم والغموم، ولا تستمعي لكلام أحد، وحاولي أن تتواصلي مع موقعك، فنحن لك في مقام الآباء، وفي مقام الموجهين، وأنت عندنا بمنزلة البنت والأخت، والمستشار دائمًا في هذا الموقع وفي كل موقع شرعي هو الأنسب، لأنه لا يُحابي، لأنه يحاول أن يُرشد بما يُرضي الله تبارك وتعالى، بخلاف رفع الأمر إلى الوالدة، فستقف في صفك، وأهله فسيقفون معه.

وأرجو ألا تنزعجي من إحسانه لأخواته، لأن هذا أيضًا مما تأمره به الشريعة، وهذا لعله مؤشر إيجابي، ولكن من حقك أن تطالبي ما فيه مصلحة لأبنائك دون أن تقولي (اترك أخواتك)، لا خير في إنسان يترك أخواته إذا كُن بحاجة إليه، لا خير فيه إذا تركهنَّ، ولا خير فيه إذا قصّر في أبنائه، إذًا المطلوب هو أن يوازن، وأن يحفظ حقكم وحقهنَّ، وأن يقف إلى جوار أخواته أيضًا، إذا كان له سبع أخوات وهو بهنَّ بار، فهذا ينبغي أن يُشكر، وأنت أيضًا لا تقولي (اترك أخواتك) ولكن طالبي بحقك، طالبي بحق عيالك، اجعلي أطفالك يطلبون منه، وحاولي أن تحافظي على الأموال التي عندك، فرق كبير بين أن تقولي (أعطنا حقنا) وبين أن تقولي (لا تعط أخواتك)، فإن الأول مطلوب، أن تطالبوا بحقكم دون أن تسألوه، ودون أن تمنعوه من الإحسان لأخواته.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يُديم فضله على الجميع، وأن يلهمكم السداد والرشاد، ونؤكد لك أن الإنسان إذا تذكر لذّة الثواب سينسى ما يجده من آلام، واعلمي أن الطلاق ليس حلاً، وأن الطلاق هو بداية الإشكالات خاصة في وجود الأبناء والبنات -إذا وجد الأطفال–، وأن ظل الرجل في البيت خير للمرأة من ملايين الريالات، واعلمي أن الحال ينصلح بكثرة اللجوء إلى الله.

وكنا نتمنى أن نعرف عن حال هذا الزوج وما فيه من إيجابيات، هل هو مواظب على الصلاة؟ هل هو يُنفق على أبنائه؟ ما هي الإيجابيات التي فيه؟ حاولي أن تجمعيها في ورقة وضخميها، وحبذا لو تواصلت معنا، حبذا لو عرضت له الإيجابيات وقلت (أنتَ فيك كذا وكذا، وحبذا لو تنتبه لكذا)، فإن هذه الوسيلة ناجعة في الإصلاح وفي النصح، لا نجرد الإنسان من حسناته، لأنه ما من إنسان إلا وفيه إيجابيات وفيه سلبيات، والنجاح هو أن نحتفي بالإيجابيات، ونحاول أن نعطي السلبيات حجمها المناسب دون إفراط ولا تفريط.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد والهداية، ونكرر شكرنا على هذا التواصل، ونتمنى أن نسمع عنكم الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أمريكا عدوشه

    ربي يجزيك الخير ع صبرك

  • الجزائر رقية

    الله يجزيك الجنة و يفرج كربك
    اصبري اختاه فزوجك الصالح في الجنة

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً