الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من خوف وقلق ومشاكل مع الجميع .... أرجوكم ساعدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

منذ كنت صغيرة وأنا أعاني، عشت طفولة معذبة لكن لا بأس بها؛ حيث أني كنت طبيعية، لكن عندما بلغت سن 14 كنت أستيقظ في الليل وأخاف من الموت ومن الجن، وينبض قلبي وعندي ضيق في الصدر، وازداد الحال سوءا إذ كنت أشعر أن الكرسي يتحرك بي، وأثناء النهار كنت مكتئبة جدا، لكنني بدأت بقراءة سورة البقرة فشفيت -ولله الحمد-.

مرت 4 أشهر تقريبا وعادت الحال، لكن فقط ضيق في الصدر، وحزن وكسل، واستمر الحال إلى يومنا هذا، ومرة تخف الحالة ومرة تزداد، لكني مؤخرا أصبت بأمراض نفسية، إذ اكتشفت أني أعاني مما يسمى باضطراب الآنية؛ حيث أتساءل في نفسي أأنا فعلا من ذهبت إلى المدرسة؟ أتلك أنا التي قامت بذلك التصرف؟ أشعر أني آلة أذهب إلى المدرسة وأعود ولا أشعر بجسمي، أخاف أن أجن.

وكذلك أعاني من بعض الوساوس لكنها بسيطة؛ حيث أخاف من الموت، ومن حدوث سوء لعائلتي، فكلما شاهدت سيارة إسعاف وأنا في الشارع أقول: هذه ذاهبة إلى منزلنا، ومؤخرا -أي في السنة الأخيرة- عانيت من أمور كثيرة:

- أحلام مفزعة.
- خوف وقلق وأحيانا أرق.
- كآبة خاصة في الجو الممطر والغائم بدون رياح، لكن عندما تخرج الشمس أشعر بالسعادة.
- مشاكل عائلية.
- مشاكل جسدية.
- مشاكل مع كل أصدقائي، كلما قلت: هذه الصديقة جيدة وأفضل من الأخريات أكتشف فيها أشياء سيئة حتى خاب ظني بالجميع.

- مشاكل مع الناس، أشعر أن كل الناس تكرهني، وفي المدرسة أتعرض للإيذاء النفسي.

- مستواي الدراسي ضعيف جدا بعد أن كنت متفوقة في السنوات الماضية.
- ضغوطات نفسية.

مع العلم أني لست تامة الالتزام، أصلي وأصوم لكني أتفرج على المسلسلات، وكنت أسمع الأغاني، وذنوب أخرى، أرجوكم ساعدوني، ماذا أفعل؟ هل هذا مرض روحي أم نفسي؟ أرشدوني ماذا أفعل؟

مع العلم أني لا أود الذهاب لا إلى طبيب ولا إلى راق لأسباب كثيرة، أشعر بالضياع، أنا تائهة، أحلامي تتحطم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Sanae حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت لديك مجموعة من الأعراض تتمثل في وجود القلق والتوترات، والشعور بالإحباط وتشاؤمك حول المستقبل، لكن في ذات الوقت أعتقد أنك لعبت دورًا كبيرًا جدًّا في تكوين هذه الأعراض، أنا لا ألومك أبدًا، لكن أقول لك: إن الإنسان إذا توجه بفكره إيجابيًا يستطيع أن يجعل حياته طيبة وهانئة، وإذا قاده الفكر السلبي للمخاوف والقلق، واهتزاز الثقة بالنفس سيكون على ذات الحالة التي أنت عليها الآن.

كل الأعراض التي ذكرتيها متشابهة ومتداخلة، هي مجرد قلق، مجرد بعض المخاوف، شيء من الوساوس، وهذه كلها في بوتقة واحدة، حتى ما وصفته باضطراب الأنيّة هو جزء من القلق، أو البعض يسميه الآن بـ (القلق الهستيري).

عمومًا أنت مطالبة بأن تحقّري كل هذه الأفكار (خوف- قلق- اضطراب أنيّة)، هذه يجب ألا تكون أبدًا جزءًا من سعتك الدماغية الإدراكية، الذي يجب أن يكون في تفكيرك هو أنك شابة مسلمة قوية ممتازة، تريدين أن تطوري نفسك علميًا وسلوكيًا ووجدانيًا، من خلال المحافظة على إقامة الصلاة بحقها وخشوعها، الجمال والسعادة في حياة الإنسان لا تأتي إلا من خلال عمل ما هو جميل وسعيد، والصلاة على رأس الأمر، بر الوالدين يفتح لك آفاقا جميلة في الحياة، أن تكون لك خططًا آنية وخططًا مستقبلية، أن تبني نفسك بناءً نفسيًا ووجدانيًا وعقديًا سليمًا، هذا هو الذي تحتاجين إليه وليس أكثر من ذلك.

وأنصحك وبشدة أن تبتعدي عن هذه المسميات، نعم أشكرك كثيرًا أرسلت رسالتك، وهناك الكثير من العبارات والأعراض والشكاوي أردت أن تُوصليها إلينا لنتفهم حالتك، فهمنا حالتك، أؤكد لك ذلك، ولذا أقول لك: استبدلي كل هذا الذي ذكرته بأشياء مختلفة تمامًا.

الأحلام المفزعة تعبير عمّا في داخل النفس، احرصي على أذكار النوم وسوف تختفي، الخوف والقلق والأرق يحتاج منك فقط لتنظيم حياتك، وليست هنالك كآبة، إنما أمل ورجاء.

والمشاكل عائلية: كل العوائل فيها مشاكل، واسألي الله تعالى أن يثبت عائلتك.

ولماذا مشاكل جسدية؟ نظمي وقتك، مارسي الرياضة.

ومشاكلك مع الأصدقاء، ليس هذا أبدًا من سمات الشابة المسلمة، ولماذا لديك مشاكل مع الناس؟

أما المستوى الدراسي الضعيف: فهذا مسؤوليتك الشخصية، ويجب أن تكوني ذا همّة عالية ونفس ذكية مجتهدة.

والضغوطات النفسية: الحياة كلها كذا، والإنسان خُلق في كبد، والذي يتعرض للضغوط النفسية يقابلها بقوة وثبات ليبني ذاته ويكوّنها.

هذه هي الحياة -أيتها الفاضلة الكريمة-، ولا أرى أنك تعانين من مرض روحي ولا مرض نفسي، هذه مجرد ظواهر، إذا اتبعت الطريق الذي ذكرته لك، سوف تصححين مسارك وتسعدين نفسك -إن شاء الله تعالى- ومن حولك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً