الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتلذذ بعبادتي وأخشع في صلاتي؟

السؤال

السلام عليكم

عندما أصلي، أو أذكر الله، أو أقوم بأي عبادة من العبادات، ثم لا أشعر فيها باللذة أخاف وأتعب، أخاف أن تكون غير صحيحة، أو ألا تقبل، كنت أتلذذ بالعبادة، ولكن يأتي عليّ أيام لا أشعر بأي لذة، ولا أعلم ما السبب، تركت متابعة المسلسلات وبعض الملهيات الأخرى كي لا أحرم هذه اللذة، وبالفعل أصبحت أشعر بشيء جميل جدًا أثناء صلاتي، وذكري، ولكن الآن لا أعلم ما سبب رجوعي فيما كنت فيه.

عندما لا أخشع في صلاتي، أو يمر علي وقت طويل لم أذكر الله فيه أندم ندمًا شديدًا، وأخاف أن لا يقبل الله عملي.

أرشدوني ما الحل؟ كيف أتلذذ بعبادتي؟ كيف أخشع في صلاتي؟

جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وبخصوص ما ورد برسالتك أختي الكريمة الفاضلة، فنحب أن نطمئنك بداية أن للقلوب إقبالاً وإدبارًا كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، ومعنى الإقبال والإدبار أنها أحيانا تقبل على الله تبارك وتعالى إقبالًا قوياً فيستمتع الإنسان بالعبادة، ويتلذذ بالطاعة، ويشعر فعلاً بهذا الجو الإيماني الرائع، وأحياناً تنصرف عن هذا الأمر فيشعر الإنسان كأنه لا يصلي، وكأن الصلاة بالنسبة له عبارة عن روتين يؤديه وفقط، فهذا أمر طبيعي، وديمومة الوضع على حال واحد يحتاج إلى مجاهدة قوية قد تكون في بعض الأحيان صعبه بالنسبة لامرأة متزوجة، ولديها أولاد، وقد تكون مثلاً تدرس، أو غير ذلك من الأمور التي قد تكون شاغلة وصارفه لها.

ولذلك أنا أقول -بارك الله فيك-: لا تقلقي من هذا الأمر، خاصة وأن الله قد من عليك بترك المسلسلات، وبعض الملهيات الأخرى، وهذا في حد ذاته مكسب كبير؛ لأن المسلسلات تأخذ منك وقتاً مما لا شك فيه بغير فائدة، والملهيات الأخرى كذلك أيضاً، وهي إذا لم يكن فيها حرام أو شيء مكروه، فلا أقل أن فيها تضييعًا للوقت، وتضييع الوقت يؤدي إلى قسوة القلب، ويؤدي أيضاً إلى حرمان العبد من هذه النعمة العظيمة ألا وهي نعمة التلذذ بالطاعة والأنس بها، ولذلك أقول لقد وفقك الله تبارك وتعالى لهذه النعمة، وهي ترك هذه الأشياء وواصلي بارك الله فيك ما أنت عليه من الطاعة والعبادة، ولا تتوقفي، ثم بارك الله فيك أيضاً أضيفي إلى هذا الأمر، أو هذا الجهد الدعاء، والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن لا يحرمك نعمة لذة الطاعة والأنس به، -جل جلاله سبحانه-.

كذلك أيضاً عليك بالمحافظة على أذكار ما بعد الصلوات وأذكار الصباح والمساء، كذلك أيضاً الإكثار من الصلاة على النبي محمد عليه الصلاة والسلام في أوقات الفراغات، فأنت وأنت في المطبخ، وأنت في البيت وأنت في السوق تستطيعين أن تكثري من الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم بنية أن الله يعيد إليك هذه اللذة، وهذه الحالة الإيمانية العالية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال له أحد أصحابه: أجعل لك صلاتي كلها، فقال له الحبيب عليه الصلاة والسلام: إذاً تكفى همك ويغفر لك ذنبك.

فأنا أوصيك بالإكثار من الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام بجوار الدعاء، كذلك الإكثار من الاستغفار، حاولي أن تستغلي أوقات الفراغ قدر الاستطاعة؛ لأن أوقات الفراغ هي التي تفرق ما بين قلب وقلب، فبعض الناس يشعر بحلاوة في الصلاة، ثم إذا انتهى من الصلاة يعيش حياةً أبعد ما تكون عن الالتزام، وبهذه الحالة يكون كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً، يصل إلى معدل عال في الصلاة، ثم بعد ذلك يصل إلى أسفل سافلين خارج الصلاة.

ولو أن الإنسان يكون محافظًا على هذه المستوى من الإيمان والخشية في الصلاة، وخارج الصلاة، يحاول أن يجتهد في غض بصره، وفي كف أذاه عن الناس، وأن لا يتكلم فيما لا يعنيه، وألا يكثر الكلام فيما لا فائدة حوله، وأن يتحرى أكل الحلال، والبعد عن الحرام، وأن يحافظ على وقته من أن يضيع سدى كما يفعل السواد الأعظم من المسلمين، وأن يحاول أن يملأ أوقات الفراغ بذكر الله تبارك وتعالى، والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، والاستغفار، والدعاء، وحتى وإن آوى الإنسان إلى فراشه يظل يذكر الله تبارك وتعالى حتى ينام كما كان هدي النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-.

فاملئي أوقاتك -بارك الله فيك- بهذه الأعمال الصالحة التي لا تكلفك شيئا، ولا تحتاج منك إلى وضوء، ولا إلى استقبال قبلة، ولا إلى شيء مطلقاً، وإنما تحتاج فقط إلى حضور قلب مع نطق اللسان بالذكر، وبإذن الله تعالى سوف تستمر هذه النعمة عليك بإذن الله عز وجل إلى ما شاء الله، وستكون هذه الحالة مصاحبة لك دائماً وأبداً؛ لأن من أعظم العوامل المعينة على ذلك إنما هو ذكر الله تبارك وتعالى، والابتعاد عن المعاصي والمكروهات، والمحرمات، والاجتهاد في إحياء سنن النبي المصطفى عليه الصلوات ربي وسلامه في كل أمر من الأمور، اعتقد أننا بذلك سنصل -إن شاء الله- إلى خشوع دائم وإلى لذة دائمة، اسأل الله لك التوفيق والسداد أنه جواد كريم.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • ليبيا كريمة

    بارك الله فيكم وجزاكم خيرااااااااااا

  • مصر سندس عماد عبد القادر

    الله يبارك فيكي اختي الكريمة

    ويثبتك علي طاعتة

  • العراق عمر

    شكرا

  • مصر عائشه مصر

    الله يثبتك يا اختمريم ويقوى ايمانك يارب

  • أمريكا حيرش محفوظ

    جزاكم الله الخير

  • مصر محمد

    جزاكم الله خيرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً