الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من قلق وهلع بسبب تعرضي لتهديد في حياتي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أنا رجل متزوج، أبلغ من العمر 39 عاماً، تعرضت لمواقف مختلفة سببت لي خوفًا شديدًا وهلعًا، وسببت لي شعورًا بالبرودة في الظهر، وقلقًا شديدًا، لكني كنت أواجه هذه المواقف، وعندما تنتهي تستمر حياتي بصورة طبيعية، لكن قبل خمسة أشهر تعرضت لموقف آخر كان فيه تهديد حقيقي لحياتي، ولحياة شخص عزيز، وسبب لي هذا حالة من الذعر الشديد، فأصبت بالقلق والخوف والاكتئاب، وبدأت عندي وساوس تشاؤمية عن المستقبل، وعن أسوأ الأشياء التي ستحدث.

داومت على قيام الليل، وكان يهدأ نفسي، وبسبب وجودي في وسط المشكلة، ومواجهتي لها كان يخفف عني قليلاً من الخوف والاكتئاب الذي أعاني منه.

وكلما سمعت خبراً جيداً بخصوص المشكلة، أو عن هذا التهديد تهدئ نفسي، ويختفي الاكتئاب والوساوس، بعد ثلاثة أشهر اضطررت للسفر خارج البلد لظروف تتعلق بعملي؛ ونظراً لأن مشكلة التهديد ما زالت قائمة ولم تحل للآن استمرت معي حالة الاكتئاب والذعر، لكن بصورة خفيفة، والسبب أني أتوقع أن تحل هذه المشكلة قريباً، لكن قبل شهر وصلني خبر متعلق بالمشكلة أزعجني وأخافني كثيراً، وأصبت بحالة ذعر شديد، وأعاد كل مخاوفي للواجهة، فلم أستطع النوم، وأحسست ببرودة شديدة في ظهري، وضيق في صدري، واكتئاب شديد، وحاولت أن أهدأ، لكني لم أستطع، بعدها أصبحت أقلق من الرسائل، أو الاتصالات؛ لأني أتوقع أن تحمل أخباراً سيئة.

أصبحت متشائمًا، وكل خبر أسمعه أتوقع أن يكون له تأثير سيء على مستقبلي وأسرتي، بدأت أقلق من كل شيء، وأتشاءم من كل شيء، وتزداد الوساوس المخيفة عما يمكن أن يحدث لي أو للآخرين، رغم أن وضعي ناتج عن مشكلة حقيقية، وما زالت قائمة، وما زال التهديد موجوداً، إلا أني أثق أن كل شيء بيد الله، ولكن نوبات الهلع والخوف والاكتئاب، والقلق تهاجمني بين فترة وأخرى، خاصة عند سماع أي خبر، وقد لا يكون هذا الخبر له تأثير مباشر علي ولكن الوساوس تبدأ عندي من أي مشكلة بسيطة تحتاج لقليل من الصبر واليقين بالله والإيمان بأن كل شيء مقدر، إلا أنني لا أستطيع تجاوز ذلك، وتبدأ المشكلة بالتضخم، وتسبب لي ذعراً شديداً، وأفقد الثقة والأمان، وأتوقع أن مشاكلي لا يمكن أن تحل.

أنا الآن لم أعد أستطع المواجهة، وأصبح الخوف يملئ نفسي وعقلي، وأصبحت حياتي متوقفة، ولم أعد أعمل بشكل طبيعي، وأشعر بضيق شديد من كل شيء، وخوف من أن تسوء الأمور، أقرأ القرآن، والأذكار وأستمع للرقية الشرعية، وأستمع للمحاضرات، فأشعر بالطمأنينة أحياناً، لكني في بعض الأحيان، لا أهدأ أبداً، وكل صباح أستيقظ وأشعر بضيق شديد، وكآبة، وشعور البرودة في ظهري، وألم في صدري، وخوف شديد، وكلما أتذكر المشكلة، وأنها لم تحل للآن أشعر بالانهيار، وأحس برعب شديد.

أتمنى أن أتجاوز هذا الخوف، والكآبة، والقلق، والتشاؤم، وهذه الوساوس لأواجه مشاكلي، وأستمر في حياتي؛ لأنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لا شك أن العيش في تهديد يجلب خوفًا شديدًا وتوجسًا وشعورًا تشاؤميًا وقلقًا توقعيًّا والكثير من الوساوس.

فيا أيها الفاضل الكريم: أنت ذكرت أنك تعيش تحت تهديد، وكذلك شخص آخر عزيز عليك، وأنت تعرضت لنوبات قلق وفزع وهلع فيما مضى، والذي يظهر لي أن البنية التكوينية النفسية لك تجعلك أكثر عرضة وقابلية واستعدادًا لأن يتجسَّد ويتضخم لديك الخوف، وبما أن التهديد الذي تواجهه هو مكوّن ومثير حقيقي وقوي من الناحية النفسية فما أنت فيه يُحل من خلال التعامل مع هذا التهديد بصورة عقلانية، بشيء من الحكمة ومن الرويَّة، ويجب أن تتعامل بصورة فيها شيء من الحكمة مع مصدر التهديد هذا، وتسأل الله تعالى أن يزيله عنك، وتصل لحلول حوله.

هذه مشكلة لا بد أن تواجه، ولا بد أن تحل؛ لأن إزالة السبب هنا يعتبر عاملاً رئيسيًا ومهمًّا لأن تعيش في شيء من الطمأنينة، وأن يزول عنك الخوف وهذه الهواجس والمخاوف والوساوس.

فيا أخِي الكريم: الحل هو أن تجد حلاً لمشكلة التهديد، هذا هو الحل الرئيسي، بخلاف ذلك مع وجود هذا التهديد وإلى أن ينقشع ويزول -بإذن الله تعالى- حاول أن تعيش حياتك بصورة طبيعية فيما يخص عملك، حاول أن تؤدي وظيفتك بتميز، تواصل اجتماعيًا، الحرص على الصلاة مع الجماعة، تلاوة القرآن، الدعاء، الذكر، المشاركة في الأنشطة الحياتية بجميع أنواعها، هذا أيضًا يعتبر إضافة إيجابية جيدة.

والنقطة الثالثة هي: لا مانع أن تتناول أحد الأدوية البسيطة التي تقلل عندك هذه المخاوف والقلق والتوتر، قطعًا الدواء ليس حلاً للمشكلة، الحل للمشكلة هو ما ذكرته لك سلفًا، أن تواجه مشكلة التهديد وتصل لحلول حولها، لكن الدواء يعتبر أيضًا إضافة إيجابية -إن شاء الله تعالى-.

من أفضل الأدوية التي سوف تساعدك عقار يعرف باسم (زولفت)، واسمه الآخر (لسترال)، ويسمى علميًا باسم (سيرترالين) يمكنك أن تتحصل عليه، وتبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا من الحبة التي تحتوي على خمسين مليجرامًا – تناولها بانتظام لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة ليلاً، تناولها بعد الأكل، ولمدة ثلاثة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى نصف حبة مرة أخرى، تناولها ليلاً لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وكل عام وأنتم بخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً