الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشكلتي أني لا أملك مهارة ربط علاقات مع الناس، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب عمري 16 سنة، أعاني من مشكلة عصيبة، فأنا لا أجيد التعامل مع الناس في أي مكان، حتى في المدرسة، وكل من يتعامل معي لا يتقبلني، وليس لي أصدقاء، أنا على وشك التخرج من الثانوية، وليس لي أصدقاء حتى الآن.

المشكلة الكبرى، أني إذا تحدثت مع شخص، وأساء لي بكلمة أو ضايقني، فإني أحزن كل يوم وأكتئب، وإذا تعاركت مع أحد، حتى إن لم يغلبني، فإني أحزن، وأخاف من الناس كثيرًا، وأخاف أن أدخل في أي عراك؛ فقلبي ضعيف، مع أني أمارس رياضة كمال الأجسام، وجسمي قوي! ولكني إذا شعرت أن أحدًا سيعاركني، أشعر بوجعٍ في معدتي، وأشعر أنه سيُغمى عليّ، ولا أفرّق بين المزاح والجِدّ، علمًا أن والدي قوي، فهو لا يخاف ولا يهاب أحدًا، والناس كلهم يحترمونه.

أرجو مساعدتي، فالدراسة اقتربت، وأنا خائف من مواجهة الآخرين مجددًا، أمنيتي أن تحلّوا هذه المشكلة العصيبة.

جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mohamed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت -أيها الابن الكريم- لست بمريض، أنت تعاني من هذه العصبية والتوتر، والذي أزعجني بعضَ الشيء، قولُك أنك لا تستطيع أن تتعارك مع الآخرين، ما فائدة العراك؟ وإذا كانت الشجاعة أصلاً يُريدها الإنسان حتى يستنفدها في عراك الآخرين، فهذه ليست شجاعة، الشجاعة ليست هكذا -أيها الفاضل الكريم-، فليس الشديد بالصُّرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب.

أنت محتاج أن تجلس مع نفسك، أن تعيد تفكيرك، أن تكون أكثر ثقة بنفسك، وأن تعبّر عن أفكارك بوضوح وبصورة راقية وفي حدود الأدب والذوق، وأن يكون لك أصدقاء من الأولاد المتميزين ممن هم في عمرك، من أصحاب الصلاح، من أصحاب الدين، من أصحاب الأخلاق. هذا هو الذي تحتاجه، وأن تنقل نفسك من محيط المشاكل والعراك وغيره، هذا هو الذي يفيدك، وهذا هو الذي ينفعك.

الأمر الآخر -وهو مهم جدًّا-: أن تركز على دراستك، حين تكون قويًّا من الناحية العلمية يحترمك بقية الناس، وتكون أكثر ثقة بنفسك، وكما ذكرت لك أن تُصاحب الجيدين والفضلاء ممن هم في سنك، هذا هو الأفضل، وهذا هو الأنفع.

اسعَ دائمًا أن تُقدِّر وتحترم معلميك ومن هم أكبر منك، هذا أيضًا فيه ذخر تربوي كبير جدًّا، يقوي من شخصيتك، ويعطيك القناعة التامة بمقدراتك.

حافظ على الأذكار، أذكار الصباح والمساء، فإنها تبعث في نفسك شجاعة كبيرة، حافظ على صلواتك، اقرأ، اطلع، مارس الرياضة، نعم أنت تمارس رياضة كمال الأجسام، لكن هنالك رياضات أخرى مثل رياضة المشي، الجري، كرة القدم، هذه فيها نوع من التفاعل والتمازج الإيجابي، واحرص دائمًا أن تكون بارًا بوالديك.

إذًا أنت محتاج -لا أقول لعملية تربوية-، لكن الذي تحتاجه هو أن تبني نفسك على الأسس الجديدة التي تحدثتُ لك عنها، والتغيير لا يأتي في يوم وليلة، لا، أبدًا، التغيير يأتي بالتدريج. اذهب إلى مدرستك الآن وابدأ صفحة جديدة حتى في تعاملك مع الناس، كن هادئًا، وتخيّر الصحبة الطيبة والجيدة، احرص أن تختار أقرانك من الفضلاء وأصحاب الأخلاق من الشباب، هذا مهم، ومهم جدًّا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً