الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عدم التوفيق في الدعاء.... ما تفسير ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ..

أواجه مشكلة مع الدعاء، وهي أن دعائي يستجاب ولكن بالعكس تماماً، فمثلاً عندما رزقت بالحمل دعوت الله أن يتمم علي حملي، فتوفي الجنين، وفي يوم عرفة دعوت الله أن يديم العلاقة الجميلة بين والدتي وزوجات إخوتي، وبعد 4 أيام حدثت مشكلة بين أمي وزوجة أخي، وهذه المرة الأولى التي يحدث بينهم خلاف منذ زواج أخي قبل 3 سنوات، وأيضاً دعوت الله أن يبعد عنا أشخاصاً معينين كانوا دائماً ما يسببون لنا المشاكل، فقاموا بعمل مشكلة، مع العلم أن الأمور بيننا كانت هادئة لمدة أشهر وحتى دعائي.

هل هناك تفسير لهذا الموضوع لأني وللأسف أصبحت أخشى الدعاء؟

وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحباً بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يستجيب لك الدعاء ويحقق الآمال، وأن يطيل في طاعته الآجال.

ما من مسلم أو مسلمة يدعو الله بدعوة إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يستجيب الله دعوته، وإما أن يدخر له من الأجر والثواب مثلها، وإما أن يدفع عنه من البلاء مثلها، ويتضح من هذا الحديث أن الإجابة تتنوع، وأن من يدعو الله رابح -رابحة- في كل الأحوال،
ويقول عليه الصلاة والسلام: (يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل، قيل: يا نبي الله، وما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت، فلم أر يستجب لي، فيستحسر عند ذلك ويترك الدعاء) وقد تحدث ابن الجوزي عن أدب السلف فقال: [كانوا يسألون الله، فإن أعطاهم شكروه، وإن لم يعطهم بالمنع راضون، يرجع أحدهم بالملامة على نفسه فيقول: مثلك لا يجاب، أو يقول: لعل المصلحة في ألا أجاب...] وركزي معنا على قولهم لعل المصلحة في ألا أجاب، وأحياناً تكون المصلحة في الإبعاد فأنت تريدين قربهم، والله يعلم أن قربهم وتحسن العلاقة قد يجر إلى ما هو أسوأ، ولله الحكمة البالغة.

فلا يحملك ما حصل وما يحصل على ترك الدعاء؛ فإن هذا التفكير من الشيطان الذي لا يريد لنا الخير، ويعلم أن في الدعاء كل الخير، فعامليه بنقيض قصده واستمري في الدعاء والإلحاح، واحرصي على أن تتوجهي إلى الله بقلب حاضر، وتسأليه بثقة ويقين، واعزمي في مسألتك، وقدمي بين يدي الدعاء الثناء على الله، ثم صلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم اختمي دعاءك -أيضاً- بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

وننصحك بتحري أوقات الإجابة، وبتقديم الاستغفار، فإننا نحرم الإجابة والرحمة بذنوبنا، وعليك أن تكوني راضية بقضاء الله وقدره؛ فإن هذا ركن الإيمان، وقاعدة السعادة؛ ولذلك قال عمر بن عبد العزيز: كنا نرى سعادتنا في مواطن الأقدار، أي فيما يقدره الواحد القهار، الذي لا يسأل عما يفعل، وهم يسألون.

وأرجو أن توقني أن الذي يختاره لنا ربنا العظيم خير مما نتمناه لأنفسنا.

نسعد بتواصلك المستمر مع الموقع، ونكرر لك النصح بالاستمرار في الدعاء؛ فالدعاء سلاح المؤمن، والسيف بضاربه، فتوجهي إلى الله بلسان المضطر المنكسر، وأبشري بالفوز في كل الأحوال، وهذه وصيتنا لكم بالتقوى والصبر؛ فإن العاقبة للصابرين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً