الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الأمراض الجسدية بسبب حالتي النفسية، ما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أبلغ من العمر 30 عاماً، كنت بصحة جيدة -ولله الحمد- غير أني أشكو من التهابات عضلية في ظهري، تخف وتشتد حسب ضغط العمل.

قبل عدة أشهر أصبت بتعب شديد، ألم متواصل أسفل البطن، إسهال متكرر، قيء، وهن شديد، وألم في العضلات، كما تعبت حالتي النفسية فكنت أستمر في البكاء، ويتكرر ذلك كل يوم تقريباً.

بعد ذلك عانيت من الحموضة، وتزامن معها التهاب في البلعوم، لازالت تتكرر، ولم أستخدم أي دواء؛ لكثرة المسكنات التي كنت أستخدمها.

خلال هذه الفترة كنت أصحو على نوبات هلع، وتسارع في النبض، وخوف، راجعت أكثر من طبيب، وأجريت تحاليل لجرثومة المعدة، فأخبروني بأني سليمة، كما عملت تحاليل بول وكان لدي التهابات، وأيضاً ارتفع هرمون الحليب، وكلهم أجمعوا على إصابتي بالقولون العصبي.

أخذت عدة أدوية منها: سيبراليكس، وميقا، ومسكنات أخرى، تحسنت حالتي -والحمد لله- غير أني لازلت أصحو على نوبات الخوف، فما هي نصيحتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ خديجة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أول من ننصحك به هو: الاقتناع واليقين التام من جانبك أن حالتك هذه حالة بسيطة، وأن نوبات الهلع أو نوبات الفزع ما هي إلا نوع من القلق النفسي الحاد الذي يأتي للإنسان دون مسببات في معظم الأحيان، ودائمًا النوبات الأولى قد تكون هي الأشد، لكن بعد ذلك إن حدثت هذه الحالات أو النوبات يكون الإنسان قد تطبع معها، وأدرك كل ما يخصَّها؛ مما يجعلها خفيفة وتتوارى -إن شاء الله تعالى-.

والنصيحة الثانية هي: التناسي التام لهذه النوبات، مهما كانت مزعجة، مهما كانت شديدة، مهما تسبب من وساوس واجترارات نفسية وفكرية حولها، لكن التناسي والتجاهل وُجد أنه من أفضل أنواع العلاج.

النقطة الثالثة هي: التفكير الإيجابي، التفكير الإيجابي في كل شيء، الحياة طيبة، الحياة -إن شاء الله تعالى- جميلة، نحن في هذه الأمة المحمدية العظيمة، وهذا من خير النعم، بل هو خيرها، وأنت -الحمد لله تعالى- صغيرة في السن، وأمامك -إن شاء الله تعالى- أياما طيبة، اسعي في استغلالها بصورة صحيحة.

أحسني إدارة وقتك، تفاعلي إيجابيًا، اجعلي لنفسك مشروع عمرٍ أو مشروع حياة، وضعي الآليات التي توصلك إليه، عيشي حياة صحيَّة -أيتها الفاضلة الكريمة- هذا يعني: النوم المبكر، الصلاة في وقتها، ممارسة أي نوع من الرياضة يناسب الفتاة المسلمة، الانخراط التام في كل ما يهم شؤون الأسرة، وأخذ المبادرات الإيجابية، القراءة، الاطلاع، صلة الرحم، هذا كله يُضيف إلى حياتك إضافات ممتازة جدًّا، ويصرف انتباهك عن الأمراض البسيطة، خاصة الأعراض النفسوجسدية من النوع الذي تعانين منه.

أنصحك أيضًا: بأن تزوري طبيبة المركز الصحي مرة كل ثلاثة إلى أربعة أشهر، هذا يُساعدك على بناء علاقات علاجية ممتازة، وكذلك إجراء الفحوصات الروتينية؛ مما يجعلك أكثر طمأنينة، وقطعًا لن يأتيك شعور إلحاحي بالتردد على الأطباء، أو تضخيم وتجسيم الأعراض البسيطة كما يفعل الكثير من الناس.

النقطة الأخيرة هي: التعبير عن الذات، والتفريغ عن النفس، وعدم الاحتقان الداخلي، وهذا مهم جدًّا؛ من حيث أنه مزيل للخوف.

والعلاج الدوائي -أيها الفاضلة الكريمة- هو أمر جيد ومفيد كثيرًا، ومضادات الاكتئاب والمخاوف وُجد أنها جيدة جدًّا. أنت كنت على عقار سبرالكس، الآن أقترح لك أن تتناولين عقار (زولفت) والذي يعرف علميًا باسم (سيرترالين) لكن لابد أن تطبقي ما ذكرته لك سلفًا، هذا أهم من الدواء، وإن كنت لا أنكر مساهمات الدواء كمكمّلٍ أساسيٍ لهذه الحزمة العلاجية الإرشادية التي وصفناها لك.

جرعة السيرترالين هي نصف حبة –أي خمسة وعشرون مليجرامًا– تناوليها ليلاً لمدة عشرة أيام، ثم اجعليها حبة واحدة ليلاً، هذه جرعة بسيطة، ولكنها كافية جدًّا لك، استمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم اجعليها نصف حبة ليلاً لمدة شهرين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم توقفي عن تناول الدواء، هو دواء رائع وسليم وغير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسوية أو البرولاكتين -أي هرمون الحليب-.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المغرب siham

    اسأل الله لك الشفاء

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً