الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تناولت الريفوتريل بسبب الفزع والخوف.. وأريد التخلص منه فأرشدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا إنسان مصاب بالهلع والذعر والخوف الحاد جدًا، واستخدمت أدوية كثيرة ولكن بدون جدوى، استخدمت علاج الزانكس سنة ونصف، وانقطع العلاج من السوق، واستخدمت الريفوتريل ست سنوات بديلاً عنه، وكانت الجرعة في البداية 1 ملجم مقسمة نصف حبة كل 12 ساعة، إلى أن زادت الجرعة قليلا إلى أن صارت 2 ملجم مقسمة نصف حبة كل 12 ساعة، ونادرًا ما أزيد الجرعة إلى 3 ملجم مقسمة نصف حبة كل 8 ساعات، ولكن هذا يحدث نادرًا ولم أزد الجرعة عن ذلك.

الآن يا دكتور أرجوك غاية الرجاء أريد التخلص من هذا العلاج الريفوتريل؛ لشدة خطورته بدون أي أعراض انسحابيه؛ لأني حاولت تركه، ورأيت الموت أمام عيني من شدة التعب والمعاناة التي لا يعلم بها غير الله عز وجل، ولا توجد مصحة إدمان في منطقتي.

في المناطق الأخرى الكبرى، ذهبت إليها ورفضوا استقبالي؛ بحجة أنه لا يوجد أسرة فارغة لتنويمي وعلاجي، أنا متعب جدًا، كرهت نفسي من هذه الحالة التي أنا فيها، حياتي تعطلت نهائيًا، أرجو مساعدتي يا دكتور جزاك الله خيرًا ورفع قدرك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأشكرك لثقتك في إسلام ويب.

أتفق معك أن الأدوية مثل: الـ (زاناكس) والـ (ريفوتريل) بالرغم من أنها أدوية رائعة جدًّا، لكنها استعبادية إذا أسرف الإنسان في استعمالها، وهذه هي المشكلة التي نواجهها الآن.

أخِي الكريم: أنا أولاً أريد أن يكون لديك إرادة نسميها بإرادة التغيُّر والتغيير، يعني أنت تريد بالفعل أن تُحرر نفسك من استعباد الريفوتريل، وسامحني جدًّا على كلمة (استعباد)؛ لأن هذا الريفوتريل ضعيف، لكنه يتسيَّد على الإنسان بصورة مزعجة جدًّا.

وأنا – أخِي الكريم – أطمئنك أنني أعرف من تخلَّصوا من هذا الدواء، لديَّ مريض كان يتناول ستة وثلاثين مليجرامًا يوميًا، تصوّر هذه الجرعة، قطعًا إنها جرعة سُمِّيَّة، لكن نسبة لاستمراره عليها لفترات طويلة وبناءها تدريجيًا تحوّلتْ كل مسارات أنزيمات الكبد لتستقلب هذا الدواء وتُمثِّله أيضيًّا في دمه؛ مما لم يؤدي إلى وفاته، لكن استعبده تمامًا.

أخي الكريم الفاضل: هذا الأخ الآن يحمد الله تعالى، قد تحرر تمامًا، وتغيَّر تمامًا، وذلك من خلال حُسن إرادة التغيُّر، وكان يُتابعني بانتظام، وكنت أقدم له المساندة المعقولة، وهذا الشاب أيضًا استعان كثيرًا بالدعاء، كان يدعو لنفسه، وأنا على ذلك شهيد.

ودائمًا – أخِي الكريم – الإنسان يجلس مع نفسه جلسة فيها شيء من المصارحة، فيها شيء من المكاشفة، فيها شيء من المصداقية: لماذا أكون ذليلاً ويُسيطر عليَّ دواء مثل هذا؟ هذه الأسئلة لا بد أن تُطرح على النفس، والأمر الثاني: لا بد أن تكون هنالك مكابدة، لا بد أن يكون هنالك عناء.

السحب التدريجي للريفوتريل هو العلاج، والسحب التدريجي المتسرع هو الأفضل، لكن إن سبب هذا بعض القلق والتوتر، فلا مانع في ذلك، تحمَّله واصبر عليه؛ لأن هذه المخاشنة النفسية هي التي تدرأ الانتكاسات.

أخِي الكريم: الرياضة مفيدة جدًّا؛ لأن الرياضة تؤدي إلى إفراز أفيونات الدماغ الداخلية، وهي أفضل من أي ريفوتريل أو خلافه، فاحرص عليها.

البدائل الأخرى: أن تنطلق في الحياة، أن تُدير وقتك بصورة صحيحة، أن تنمي من مهاراتك، من كفاءاتك الاجتماعية، أن تحرص أن تكون نافعًا لنفسك ولغيرك... هذه كلها علاجات.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا أبشرك أن السوركويل والذي يعرف علميًا باسم (كواتبين) يُضاف إليه عقار يعرف تجاريًا باسم (ريمارون)، ويعرف علميًا باسم (ميرتازبين) سيكون مفيدًا جدًّا لك كبدائل، لا أقول لك: إنها بدائل مباشرة للريفوتريل، لكنها سوف تُقلل الأعراض الانسحابية بنسبة خمسين بالمائة على الأقل، وهذا أمر جيد.

إذًا ابدأ في التخفيض التدريجي للريفوتريل، اجعله تدرجًا سريعًا، في ظرف أسبوعين إلى ثلاثة لا بد أن تكون قد قطعته تمامًا، وابدأ من الآن في تناول السوركويل بجرعة خمسين مليجرامًا ليلاً، والريمارون خمسة عشر مليجرامًا ليلاً، واستمر عليها لمدة شهر، ثم اجعل الريمارون حبة كاملة (ثلاثين مليجرامًا) ليلاً لمدة شهرين، ثم اجعله خمسة عشر مليجرامًا ليلاً لمدة شهرين أيضًا، ثم مثلها – أي نصف حبة – يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ، ثم توقف عن تناوله.

أما السروكويل: فاستمر عليه بجرعة خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم اجعله خمسة وعشرين مليجرامًا ليلاً لمدة شهرين، ثم توقف عن تناوله.

الأمر في غاية البساطة، ولو تواصلت مع أحد الإخوة الأطباء الذين تثق بهم لا شك أن هذا سوف يمثل دعمًا، وحالتك لا تستحق، ولا أرى أن هنالك حاجة لأن يتم التنويم داخل أحد المستشفيات النفسية، أو مراكز علاج الإدمان، العلاج ليس بالعيب، لكن حالتك لا تتطلب هذا.

اجعل لنفسك نصيبًا من التغيير الذاتي، وحُسن إدارة التغيير هي المطلوبة، واسأل الله تعالى أن يعينك.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية حسين اليافعي

    جزاك الله خير

  • الأردن خليفه السلامات

    جزاك الله كل خير

  • الجزائر محمد شريف

    بارك الله فيكم

  • المغرب حمزة

    جزاكم لله خيرا وبارك فيكم

  • مجهول احمد الهدادي

    والله أعطاك دواء رائع ولن تشعربأعراض انسحاب

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً