الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تحسنت من الاكتئاب بعد تناول البروزاك ولم أتحسن من الهلع والخوف!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أنا شاب، عمري 41 عاما، أعاني من الهلع والخوف والرهاب منذ صغري، ولكن تجلت لي منذ 20 سنة في عدة مواقف ومشاكل، لا أستطيع فيها الدفاع عن نفسي.

ففي عام الـ 2006 ذهبت للطبيب فأعطاني (زيروكسات وزاناكس واندرال) استمررت عليها ستة أشهر، وبعدها تحسنت حالتي -ولله الحمد-، لكن منذ سنوات بدأت أعراض الخوف والرهاب والهلع، ومعها هذه المرة اكتئاب.

جربت قبل سنتين (الزيروكسات والزاناكس) ولكن دون جدوى أو مفعول، فاستخدمت (السيبرالكس) بعد نصيحة الطبيب ولمدة 3 أشهر، ولكن لم يحدث تحسن يذكر.

والآن أنا أستعمل (البروزاك) منذ شهر ونصف الشهر، بدأته بحبة 20 لمدة شهر، ومن ثم حبتين لـ 40 أسبوعا، ولكن إلى الآن لا أحس بتحسن، وازداد عندي الهلع والخوف والقلق.

علما أنه حدث تحسن طفيف جدا للاكتئاب، واستطعت عن طريقه أن أقلع عن التدخين، وبعض العادات السيئة لدي.

سؤالي: هل أستمر على البروزاك أم لا؟ وهل يمكن إضافة دواء مساندٍ له؟

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ باسل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك جدًّا في إسلام ويب، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

أيها الفاضل الكريم: أنا أريدك أن تقوم بتغيرات جذرية في نمط حياتك، أن تكون إيجابيًا في تفكيرك، وأن تمارس الرياضة، وأن تُحسن إدارة وقتك، وأن تهزم الاكتئاب والخوف من خلال تحقيرها، والعمل بما هو ضدها، وأن تجعل لحياتك معنىً، وأن تُصرَّ أن تكون نافعًا لنفسك ولغيرك، وأن تعلم –أيها الفاضل الكريم– أن التغير لا بد أن يأتي منك أنت، وأن الله لا يغيُّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وأن الله قد حبانا بطاقات عظيمة قد تكون مختبئة، فما علينا إلا أن نُخرجها.

أخي الكريم الفاضل: التغيير يُصنع داخليًا ولا يُستورد، {فاتقوا الله ما استطعتم}، {لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها} فكلٌ منا له وِسْعٌ في طاقاته وإمكانياته، فما علينا إلا أن نفعل ونصنع ما بوسعنا واستطاعتنا، وكما قال الله تعالى: {إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم}.

أريدك أن تنطلق انطلاقة جديدة، وتنسى كل هذه السنوات التي عانيت فيها مع الحالة النفسية التي تحدثت عنها.

بالنسبة نمط الحياة: الرياضة مهمة جدًّا، وقد أُثبت الآن أنها تؤدي إلى تغيرات كيميائية كثيرة في الجسم، خاصة فيما يتعلق بكيمياء الدماغ، مما يكون له عائدٌ إيجابيٌّ جدًّا على صحة الإنسان النفسية والجسدية، فاحرص عليها.

النوم المبكر نعتبره من أفضل ما يمكن أن يُقدمه الإنسان لنفسه، كخدمة جليلة لصحته النفسية وكذلك الجسدية.

بالنسبة للعلاج الدوائي: استمر على البروزاك، لأن البروزاك جيد، البروزاك سليم، هو بالفعل مُحسِّنٌ للمزاج أكثر مما أنه مُزيل للخوف وللهلع، لكن من خلال الاستمرار عليه له أثر تراكمي إيجابي جدًّا يؤدي إلى إزالة المخاوف والتوتر، فأرجو أن تستمر عليه بجرعة كبسولتين في اليوم –أي أربعين مليجرامًا– والبروزاك من أفضل ما فيه أنه ليس له أعراض انسحابية ثانوية بعد التوقف منه، وذلك لسبب بسيط، أنه يحمل إفرازات ثانوية تظل بعد التوقف عنه في الدم لفترة اثنين وسبعين ساعة على الأقل.

والبروزاك لا يزيد الوزن، وهذه ميزة عظيمة، عيبه الوحيد مثل بقية الأدوية أنه ربما يؤخر القذف المنوي قليلاً عند بعض الرجال عند المعاشرة الزوجية.

فإذًا: استمر عليه –أخِي الكريم– وأنا أريدك أن تكون على كبسولتين في اليوم لمدة عامٍ على الأقل، وهذه هي الجرعة العلاجية لفترةٍ علاجيةٍ معقولة جدًّا، لكن لابد أن تُدعم علاجك بالآليات السلوكية التي ذكرتها لك حتى تجنيَ ثمار هذا الجهد الدوائي وكذلك النفسي السلوكي.

بعد انقضاء العام يمكن أن تستمر على كبسولة واحدة من البروزاك لمدة عامٍ آخر مثلاً.

أخِي: نعم ، أريدك أن تدعم البروزاك بعقار يعرف باسم (فلوناكسول Flunaxol) ويعرف علمياً باسم (فلوبنتكسول Flupenthixol) وهو دواء بسيط جدًّا، ومزيل للقلق، وداعم لفعالية البروزاك، تناوله بجرعة نصف مليجراما (حبة واحدة) صباحًا، وحبة واحدة عصرًا لمدة شهر، ثم اجعلها حبة واحدة صباحًا لمدة شهرين، ثم توقف عن الفلوناكسول، لكن استمر على البروزاك بنفس الكيفية التي ذكرتها لك.

أخِي الكريم: لا شك أن إقلاعك عن التدخين عمل عظيم وإنجاز كبير، لا بد أن تُكافئ نفسك عليه، وذلك من خلال بناء المزيد من الشعور والفكر والفعل الإيجابي؛ لأن هذا هو المردود الطيب الذي يعود على النفس بخير كثير.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأنا سعدتُ جدًّا برسالتك، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أمريكا محمد

    كل الشكر الجزيل للدكتور محمد عبد العليم وما تبذله للتخفيف عن المرضى والمتعبين ، بعلمك واسلوبك اللطيف المشجع

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً