الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من القلق والتوتر وسرعة الغضب، فما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم

أنا بعمر 20 عاماً، أعاني من مشاكل عديدة منذ صغري، وهي انعدام الثقة بالنفس، وأشعر أنني غير قادر على النجاح، وأشعر بالفشل دائماً حتى في شيء يقول الناس: إنني أستطيع القيام به ولكنني أشعر أنني لا أستطيع تماماً، ودائماً خائف من الفشل، وعند الفشل أبتعد عن جميع الناس وأنعزل عنهم جميعاً حتى أهلي، ولا أريد التعامل مع أحد!

كذلك أبتعد عن الناس عند حدوث مشاكل اجتماعية، وأعاني في هذا المجال كثيراً مع المجتمع، حيث أن الناس أكثرهم يعاملوني جيداً ولكن حين يأتون إلي يأتون من أجل الدراسة فقط، أو مساعدتهم فقط، لا للاطمنئان علي شخصياً.

في يوم كنت أتحدث مع شخص فقال لي: إنه يقلق مني، لم أكن أعرف لماذا؟ ولكن سألت الناس وقالوا بأنني "غامض" فيخافون مني، ولأني سريع الغضب دائماً لا أتحمل شيئاً قولا أو فعلا، وعندما أغضب أحطم أي شيء أمامي أو يرتفع صوتي إلى درجة سماع جميع الناس حولي.

أشعر بتوتر في أكثر الأوقات، خاصة عندما أجيب على سؤال ما أمام الناس كلها.

بعد كل هذا قررت البعد عن الناس جميعاً والعيش وحيداً، أشعر في هذه الأيام بحب العزلة، وحقا فعلت هذا ولكن أهلي يشعرون بالضيق من هذا التصرف.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحالة المزاجية والحالة الفكرية للإنسان كثيرًا ما تُحدد مشاعره، إذا فكَّر الإنسان سلبيًا سوف تكون مشاعره سلبية، وإذا كانت ثقة الإنسان مهزوزة في ذاته فقطعًا لن يرى نفسه كشخصٍ فعّال.

الأفكار السلبية كثيرًا ما تفرض نفسها على الإنسان، لكن الشباب من أمثالك نريدهم أن يكونوا فطنين وأذكياء لمواجهة الفكر السلبي، الفكر السلبي لا يُقبل، يجب أن يُغلق أمامه، يجب أن يُحطّم، يجب أن يُستبدل بما هو إيجابي.

أنت حباك الله تبارك وتعالى بمقدراتٍ عظيمةٍ، مقدرات الفكر والجسد والنفس، بكل مكوناتها المعروفة.

أيها الفاضل الكريم: أنت الذي تُغيّر نفسك، أنت الذي تصنع سعادتك، فإن الله لا يُغيِّرُ ما بقومٍ حتى يُغيروا ما بأنفسهم، وكخطواتٍ عملية:

أولاً: يجب أن تُكمل تعليمك، العلم نور، وخير ما يكتسبه الإنسان في الحياة هو الدين والعلم.

يجب أن تكون لديك نظرة إيجابية حول المستقبل، وأن تضع برامجا وأهدافا - أهدافا بعيدة المدى، أهدافا متوسطة المدى، أهدافا قريبة المدى - وتعمل من خلالها بكل دقة وتركيز لتصل إلى مبتغاك. هذا ممكنٌ، وهذا ليس أمرًا خياليًا أبدًا.

لا بد أن تتقدَّم خطوات أبعد، بأن تحسُّ أنك من الواجب عليك أن تكون نافعًا لنفسك وكذلك لغيرك (أرحامك – ذويك – والديك – إخوتك، والمجتمع كَكُل) انظر لهؤلاء الذين ينخرطون في الأعمال الخيرية، يُساعدون الناس، الذين يذهبون إلى أماكن الحروب وأماكن الدمار وأماكن الزلازل، أيها الفاضل الكريم: هم بشر مثلنا، وربما يوجد من بينهم من له مشاكل كثيرة جدًّا. رأيتُ مُعاقًا مُصابٌ بشلل الأطفال وهو يُساعد الناس في منطقةٍ تُوجد بها الحروب. فإذًا الدافعية تُبنى، والقدرة تُبنى، والسعادة تُبنى، وهذا هو الذي أريدك أن تعيش على أساسه.

من يصفك بأنك شخصٌ غامض يقصد أنك مُنسحبٌ اجتماعيًا، أنك غير فعّال، فأظهر فعاليتك على الأسس التي وضعناها لك.

قولك أنك تعاني من مشاكل عديدةٍ مُنذ الصغر: هذا فكرٌ مُحبطٌ جدًّا، مَن الذي قال أنها عديدة؟ مَن الذي قال أنها شائكة؟ لا، كل الناس تمُرُّ ببعض الظروف، والتضخيم لصعوبات الحياة أمرٌ مرفوض تمامًا. الله تعالى كرَّمنا وحبانا بكل الطاقات والمقدرات التي متى ما سخَّرناها نستطيع أن نتغيَّر.

أيها الفاضل الكريم: نحن الآن في موسم الخير، نحن في شعبان، ومُقدمون -إن شاء الله تعالى- على رمضان، أعتقد أنها فرصة عظيمة للتجديد، تجديد النفس وتجديد الفكر وتجديد الذات، والتثبُّت في الحياة بصورة أفضل.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، وأشكرك على التواصل مع استشارات إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً