الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أجامل الناس ولا أحب إحراجهم ولربما أدى ذلك للتهاون في الحرام، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عندي مشكلة: منذ المراهقة تقريبا -لا أتذكر تحديداً- لا أرفض أحدا، أو شيئا طلبه أحد، بمعنى إذا قالت لي بنت إنها تحبني؛ لا أستطيع إلا أن أرد لها الكلمة، حتى لو كانت أبغض الأشخاص إلي على وجه الأرض، ولو أن أحدا من أقاربي عرض علي مثلا شيئا حراما يمكن أن أغلق عيني، لكن لا أرفض وأقنعه أني أراه مثلا.

لا أستطيع أن أحرج الأشخاص، وهذا يعتبره الناس جيدا، ولكن لا أريده أن يأتي على ديني، وأن أرتكب أشياء سخيفة كهذه، وإذا فكرت أن أرد على الشخص وأرفض طلبه؛ أشعر بسخونة وتوتر رهيب، وأحبس نفسي أو يقل.

ملاحظة لا أعلم هل لها فائدة أم لا: كنت عانيت من الاكتئاب، والحمد لله يسر الله الحال بعد سنين، ولكن أعاني من توتر وقلق، والحمد لله لا وجود للاكتئاب أو للحزن أو لغيره، وأنا مستمر على دواء ديبرام 20؛ لأني عندما أقلع عنه العادة السرية تأتي إلي بشراسة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يحيى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك أخي الكريم في استشارات إسلام ويب.

أخي: مشكلتك تتمركز حول أنك لا تودُّ أن تصدَّ الآخرين، وتستجيب لطلباتهم، أو تُكثر من المجاملة والاستكانة لهم؛ أخي الكريم هذه علة تتعلق بشخصيتك، وما دمت أنت مُدركًا لها يجب أن تُعالجها، يعني أنت تعرف علَّتك، وهذا أمرٌ إيجابي جدًّا، فكثير من الناس قد يكون إمَّعة، قد يكون متبعًا دائمًا، ولكنه لا يُدرك ذلك، وهذه إشكالية كبيرة، لكن في حالتك أنت مُدرك تمامًا.

وكل المطلوب منك –أخي الكريم- هو نوع من الترويض الفكري لنفسك، أن تناقش هذا الذي تقوم به وترفضه من خلال إجراء التحليل الفكري الداخلي، أن تطرح على نفسك أسئلة: لماذا أكونُ متبعًا؟! لماذا أكون إمِّعة؟! لماذا لا أكون يدًا عُليا؟ لماذا أكونُ يدًا سُفلى؟ أنا يمكن أن أرفض ما هو غير مقبول أو حرام، ولا أنخرط فيه أبدًا، ويمكن أن أخاطب الطرف الآخر بكل ذوقٍ وفي حدود الأدب والاحترام والتقدير، لكن لا أتبع أبدًا.

أخي الكريم: أحكي لك قصة بسيطة جدًّا: أحد الإخوة المسؤولين الذين أعرفهم ذهب إلى إحدى الدول العربية، وكان في مهمّةٍ لاستقدام موظفين، الرجل يتمتّع بوظيفة كبيرة، قام المسؤولون في الدولة الأخرى باستضافته، وقاموا بإعداد حفل كبير جدًّا له في فترة المساء على طعام العشاء، وكانت هناك خمور، فالرجل استأذن بلباقة شديدة من مُضيفيه، وحين سألوه: لماذا؟ قال لهم: أنا أحسُّ أنني غير مرتاح، يأتيني بعض المغص الكلوي، وفي ذات الوقت يا أخوتي: لا أريد أن يُبدأ بي العذاب، وهنا انبهر المُضيف، وعرف أن هذا الرجل رجل صاحب قيمٍ وصاحب رسالة، واعتذروا له، وسحبوا كل الخمور الموجودة على الطاولات.

فيا أخي الكريم: الإنسان يستطيع حقيقة أن يفرض مبادئه، ومن خلال ذلك أعتقد أنك تستطيع أن تتغير.

الأمر الآخر: أنا أريدك –أخي الكريم- أن تكون مع الصالحين من الشباب، من الفضلاء الذين دائمًا هم نماذج حسنة في تصرفاتهم، في مشاعرهم، في أقوالهم، فيما يسألون عنه، فيما يطلبونه، حين تعيش في هذا المحيط –أخي الكريم- تُبنى لديك غرائز داخلية تجعلك –أخي الكريم- تستطيع أن ترفض ما هو مرفوض، وأن تقبل ما هو مقبول.

الأمر الثالث: أنصحك بأن تنخرط في أي عملٍ خيري أو اجتماعي، هذا سوف يوجِّه طاقاتك السلبية لأن تصبح إيجابية، وهذا أمرٌ مجرَّبٌ -يا أخي الكريم- فأكثر من الاستغفار، واسأل الله تعالى أن يعينك.

بالنسبة للعلاج الدوائي: الديبرام دواء جيد، ودواء مفيد جدًّا، ربما تحتاج فقط أن تُدعمه بعقار (موتيفال) وهو متوفر في مصر، تناول الموتيفال بجرعة حبة واحدة ليلاً لمدة شهرين، ثم توقف عن تناوله.

الموتيفال سوف يُدعم الديبرام، وفي ذات الوقت يجعلك تتخطَّى القلق التوقعي الذي هو مرتبط بعدم قدرتك على تنمية ذاتك، وتطويرها واتباع الآخرين.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً