الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شخصيتي سلبية وتحلل المواقف بصورة غير مرغوبة، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الدكتور/ محمد عبد العليم: أنا إنسان أحلل كل شيء وكل موقف، وأستمر أفكر فيه ساعات طويلة، أفكر أن فلانا فعل كذا ومعناه كذا، وأنه يقصدني ويقلل من قيمتي، أو لا يحبني، وأيضا إذا كنت بين مجموعة وتركتهم أفكر أنهم يتكلمون عني، فأنا أهتم كثيرا بكل تفصيلة وحركة.

أيضا أنا سلبي جدا، أفسر كل المواقف بسلبية حتى لو كان المقصود منها خيرا، وأتضايق كثيرا، وأشعر بحزن وإحباط، وأقلل من قيمة نفسي وألومها كثيرا، وحتى لو حققت نجاحا أفكر بسلبية أني حققته متأخرا، علما أني أنجز الكثير من الأشياء والخطط الناجحة، وأهلي يعتمدون علي كثيرا، ساعدوني كيف أتخلص من هذه الحالة؟

شكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على هذه الأسئلة الثلاثة، وقد حوّلت إليّ أسئلتك لغياب الزميل العزيز/ د. محمد عبد العليم. وقد لاحظت أيضا أنك أرسلت عدة أسئلة دفعة واحدة، مما شغل بالي وكأن هذا يشير لبعض التشتت في الأفكار.

في سؤالك هنا ثلاثة مواضيع وهي لا شك متعلقة ببعضها، موضوع التحليل للمواقف والكلام، وثانيا السلبية في المواقف، وثالثا ضعف تقدير النفس.

ومن الواضح أن هذه النقاط الثلاثة متعلقة ببعضها، ربما جميعها ناتج من صفة أهم وهي شدة الحساسية، مما يفسّر هذه المشكلات الثلاث.

فمن الواضح أيضا أنك شاب حساس، ومن الطبيعي أن يميل بعض الشباب إلى شيء من الحساسية في شخصيتهم، حيث تتأثر بالأحداث والمواقف والكلام الذي يجري من حولك، وتفكر فيه مليا، ونرى عادة هذا الشخص يفكر طويلا فيما جرى أو فيما قيل له أو أمامه، ويرتبك أمام الآخرين، ولذلك فأنت دائم التحليل المستمر.

ولعل ما يمرّ بك مما ورد في السؤال الثاني من السلبية له علاقة بشيء من هذه الحساسية التي عندك، مما يجعلك تفضل رؤية الجوانب السلبية عن نفسك والآخرين.

وهذا يفسّر أيضا ضعف الثقة بالنفس، وضعف تقديرك لذاتك.

وما يعينك على التكيف مع هذا الحال عدة أمور، ومنها محاولة التفكير بأن للناس همومهم الخاصة فليس عندهم وقت ليضيعوه في تتبع أمورك، وكما يُقال عندهم ما يكفيهم. ويمكن لهذه الفكرة أن تبعد عنك شبح التحليل الزائد، وشبح مراقبة الناس لك والحساسية لكلامهم، فهم منشغلون عنك، وأنت لست مركز اهتمامهم، وبالتالي يخفف عنك هذا من ارتباكك أمامهم!

الأمر الثاني الذي يمكن أن يعينك هو أن تذكر أنك في مرحلة الشباب من العمر، ولذلك فأمامك الوقت لتتجاوز هذا الحال، وخاصة إن بادرت باتخاذ بعض الخطوات التي تعينك على تجاوز هذه الحساسية المفرطة.

ومن المهم أن تتذكر أن التجنب، كتجنب الناس من أجل عدم التحليل السلبي لأفعالهم، هذا التجنّب لن يحلّ المشكلة وإنما سيزيدها شدة، فحاول الاقتراب من الآخرين، ولا شك أن المحاولات الأولى ستكون صعبة بعض الشيء، إلا أنك ستلاحظ أن الأمر أبسط مما كنت تتوقع، وهكذا خطوة خطوة ستتعلم مثل هذه الجرأة، وبذلك تخرج مما أنت فيه، وتصبح أكثر أيجابية، وأكثر تقديرا لنفسك.

وفقك الله ويسّر لك تجاوز ما أنت فيه، وما هي إلا مرحلة عابرة، وستتجاوزها -إن شاء الله- عاجلا أو آجلا، و-إن شاء الله- يكون الأمر عاجلا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً