الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من النسيان وضعف الذاكرة، فما علاج مشكلتي؟

السؤال

السلام عليكم..

- كانت ذاكرتي جيدة، ولكن منذ عامين تقريبا، انتابني صداع ورغبة في النوم أثناء المذاكرة، ثم اختفت الرغبة في النوم أولا، ثم الصداع بعد ذلك تدريجيا، لكن النسيان الشديد لم يفارقني قبيل حدوث تلك الاضطرابات، بل بدأ يزداد مع الوقت تدريجيا؛ إلى أن أصبحت لا أستطيع أن أحفظ شيئا تقريبا ولو كررته عشرات المرات، مع العلم أني قبل حدوث ذلك النسيان كنت من المتفوقين جدا، وكنت أحفظ حزبا كل يومين، وحوالي 1500 كلمة من اللغتين الفرنسية والألمانية كل يومين أيضا.

أود أن أشير إلى أنني قبل حدوث تلك المشاكل كنت لا أستطيع أن أحفظ شيئا وأسمعه لنفسي في نفس اليوم ولو كررته عشر مرات، بل كنت لابد أن أنام عليه ثم أسمعه لنفسي في اليوم التالي، حتى ولو كنت قرأته مرتين أو ثلاثا، فقط في اليوم الأول أكون حافظا له عن ظهر قلب.

ذهبت إلى طبيب مخ وأعصاب وطبيب نفسي، وعملت أشعة مقطعية على المخ، وفحص لقاع العين، وقالا لي بأن نتيجة الأشعة سليمة، وأنني طبيعي.

أرجو أن لا يكون الرد هو التكرار في المذاكرة، فقد جربت ذلك آلاف المرات ولم يجد التكرار نفعا، حيث لم أستطع أن أحفظ مئة كلمة في أسبوع -مع انهماكي وتركيزي الشديدين فيما أقرأ- بسبب هذا النسيان المقيت، وأنا لا أعاني من مشاكل نفسية، ولكن أريد علاجا دوائيا، فقد ختمت القرآن مئات المرات، وقمت الليل كثيرا -حسبما أفادني أئمة المساجد- ولكن لم يحدث شيء، فهل هناك أمل في شفائي؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mohamed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وتقبل الله صيامكم وطاعاتكم.

إن شاء الله لن نرد عليك قائلين: (عليك تكرار المذاكرة)، وحتى إن كان هذا جيدًا نحن سعداء أن فحصك سليم، بمعنى أنه لا توجد أي التهابات أو أورام دماغية، لكن الذي ألاحظه أن طبيعة الصداع الذي يأتيك ربما يكون نوعًا من الشقيقة –الصداع النصفي– وهذا النوع من الصداع دائمًا تكون فيه الأشعة والرانين المغناطيس طبيعية، بمعنى أنه لا توجد أي نوع من التغيرات العضوية الدماغية. والشقيقة أو الصداع النصفي ربما يؤدي إلى اضطراب التركيز في بعض الأحيان. هذه النقطة لابد أن أوضحها لك.

أنا لا أقول أنه مائة بالمائة لديك صداع نصفي، لكن هنالك تلميحات ومؤشرات أن هذا التشخيص يجب أن نضعه في الاعتبار، لذا أرجوك أن تذهب مرة أخرى إلى طبيب المخ والأعصاب، نفس الطبيب الذي ذهبت إليه، وتسأله عن هذه النقطة، إن كان الصداع الذي يأتيك –أو كان يأتيك– فيه أي بوادر شقيقة أو صداع نصفي؟ وهنا إن تأكد للطبيب ذلك سوف يقوم بإعطائك بعض العلاجات البسيطة.

أما إذا كانت حالتك – أي ضعف الاستيعاب – مرتبطة بالإجهاد الجسدي أو الإجهاد النفسي – وهذا أيضًا كثير ومتكرر – وأنا في هذه النقطة تهمُّني جدًّا كطبيب نفسي، أنتَ إنسان لديك مقدرات، على الأقل نستطيع أن نقول مقدراتٍ سابقة، لكن بعد ذلك لاحظتَ هذا الخلل في الاستيعاب والحفظ أثناء المذاكرة.

أيها الفاضل الكريم: أولاً أؤكد لك أن الحفظ ليس أفضل المقدرات الإنسانية، إنما تحليل المعلومة واستنباطها وإدراكها هو أفضل المقدرات الإنسانية، فلا تنزعج أنك لا تستطيع أن تحفظ.

أعتقد أنك مطالب باتخاذ خطوات معيَّنة: أولاً يجب أن تكون إنسانًا متميِّزًا في إدارة وقتك، سوء إدارة الوقت يؤدي إلى اضطراب التركيز والاستيعاب، وأهم شيء في إدارة الوقت أن تنام نومًا ليليًا مبكرًا، وتتجنب النوم النهاري.

النقطة الثانية: تحيُّن أوقات المذاكرة، المذاكرة لها أوقات يكون الاستيعاب فيها أفضل، وأفضل وقتٍ لحسن الاستيعاب هو بعد صلاة الفجر، الإنسان حين ينام نومًا ليليًا هانئًا ومُريحًا ويستيقظ مبكرًا تكون عملية ترميم الخلايا الدماغية اكتملت، وهذا قطعًا يُحسِّنُ التركيز، والمذاكرة في فترة الصباح هذه تُعادل ثلاثة إلى أربع مرات للأوقات الأخرى، يعني لو ذاكرتَ ساعة في الصباح أفضل لك من أربع ثلاث ساعات في الأوقات الأخرى. هذا مجرب.

ثالثًا: عليك بالرياضة، الرياضة تُحسِّنُ التركيز وتحسِّنُ الاستيعاب.

رابعًا: تلاوة القرآن الكريم بتدبُّرٍ وتمعُّنٍ، أنت الحمد لله ذكرتَ أنك قد ختمت القرآن في الفترة السابقة مئات المرات، وهذا أمرٌ طيب، لكن القرآن يحتاج أيضًا للتدبُّر وللتأمُّل، {أفلا يتدبرون القرآن}، {الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه}، {واذكر ربك إذا نسيت}.

خامسًا: يجب أن تكون لديك مواعين أو أدوات أو طرق ترفيهية بما هو طيب، وهذا مهمٌّ جدًّا.

سادسًا: شراب عصير برتقال مركز، وكذلك شراب فنجان من القهوة في الصباح، وفنجانٍ في المساء.

سابعًا: الميول للمذاكرة الجماعية مع بعض الأصدقاء، هذه سوف تُحسِّن استيعابك العام وتذكُّرك مما يُساعدك على الحفظ.

ثامنًا: استعمال أكثر من وسيلة للمذاكرة، بمعنى أن ترفع صوتك في بعض المرات، أن تكتب في مراتٍ أخرى، أن تركز على ذاكرتك البصرية في أوقاتٍ أخرى أيضًا.

بهذه الكيفية –أخي الكريم– إن شاء الله يتحسَّن لديك التركيز، وبارك الله فيك، وعليك بالدعاء.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً