الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بحرقة عند مزاح أحد الأصدقاء معي.. أفيدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أنا شخص لدي حالة غريبة جدا مع أي صديق اُصادقه، في البداية نضحك ونمزح وحتى لو مزح معي اُضاحكه، وأحيانا أمزح معه، ولا توجد أي ضغينة، لكن مع مرور الأيام تأتي فترة لا أعلم ماذا يحدث لي وكأنه سحر إذا مزح معي شخص أشعر بشعور غريب بصدري، وكأنه حُرقة لثوان ولا أتقبل المزحة، وأفكر فيها، وأشعر بأن علاقتي مع هذا الشخص على وشك أن تُصبح رسمية.

لا أعلم ماذا يحدث لي خصوصا إذا تواجد أشخاص للضحك معه عليّ أشعر بهذا الشعور، وخصوصا الحُرقة، فأحيانا إذا التفت الشخص علي، أو قال اسمي تأتيني هذه الحُرقة حتى لو لم يسخر مني، هذه الحالة تحدث مع أغلب مع من اُصادقهم، ولا أود أن أخبرهم أن يتوقفوا، أريد أن أستمر بالضحك وأخذ الأمور برحابة صدر، لكن لا أعلم كيف وما هي المشكلة؟

قد تقولوا لي زد ثقتك بنفسك، لكن كيف؟ قد تقولون الحياة قصيرة اضحك واستمتع، لكن كيف؟ لا أستطيع أن أوقف هذه الحالة ولا أود أن أصبح رسميا مع الكل، فكيف لي أن اُعالج هذا الأمر؟ وهل هو يحدث مع كثير من الناس؟ ملاحظة: إذا سخر شخص مني وسخرت منه، وضحك الأشخاص أشعر براحة قليلا.

مثال للتوضيح عذرا للألفاظ: إذا كنت أتحدث وقطعني بـ "كل تبن سد حلقك"، أو يصفني بحيوان، أو الفاظ بذيئة، مع العلم أن مزحنا هكذا، وليست جديدة هذه الأوصاف، لكن تحدث لي هذه الحالة إحدى الأيام.

أرجو الحل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

قرأنا رسالتك بتمعُّن وبتدبّر، وبالفعل ما يحدث لك مُحيِّر بعض الشيء، وحاولتُ أن أضعه في أي قالب علمي نفسي سلوكي، ووجدتُّ أن التفسير لهذه الحالة هو أنها نوع من الوساوس.

القلق الوسواسي في بعض الأحيان يتطبع الشخص على شيءٍ ما، ثم يبدأ يعتقد أن هذا الأمر سوف يحدث له، ويحدث له نوعًا من الارتباط الشرطي، أي في موقفٍ معيَّنٍ يتكرر شعورٍ معيَّنٍ حيث إن هذه نوع من الخبرة السابقة، بمعنى أنك قد مررتَ بوضعٍ قد يكون أحد الأشخاص بالفعل قام بمضايقتك، ومن تلك اللحظة حدثت لك توترات داخلية وظلَّت مشفّرة ومخزّنة في كيانك الوجداني وعقلك الباطن، ومن ثمَّ أصبحت تظهر على السطح متى ما قابلتَ شخصًا ما حتى وإن لم تكن بينك وبينه أي نوع من التوجيهات أو المشاعر السلبية.

أعتقد أنها وسوسة، والحمد لله ثقتك بنفسك جيدة، ولا نحتاج أن نقول لك زد في ثقتك بنفسك، لكن تجاهل الأمر، تجاهله، وأرجو ألا تُعطيه هذه التفسيرات الجانبية والتي تُعقّد الأمور. أنتَ ظننت أنه ربما يكون نوعًا من السحر، وأنا أؤمن بالسحر، لكن أعتقد أنه لا علاقة لهذا الأمر بالسحر، حقِّرْ هذه الفكرة - أي فكرة أنك مسحور - لكن في ذات الوقت يجب أن تحصِّن نفسك، وتجاهل الموضوع تمامًا، وأعتقد أنك بشيء من التيقن أن هذا الأمر وسواسي سوف يختفي تمامًا -إن شاء الله تعالى-، لأن الوساوس أصلاً تُعالج من خلال التحقير التام.

في ذات الوقت - أخي الكريم - الإنسان دائمًا يحاول أن يبني علاقات اجتماعية جيدة مع الصالحين من الناس، الذين يحسّ معهم برحابة الصدر وطيب الخاطر وطيب النفس، البيئة مهمّة جدًّا لتفاعلنا الاجتماعي.

لا أعتقد أنك في حاجة لعلاج دوائي، وأرجو أن تلجأ لمبدأ التجاهل كما ذكرتُ لك، وتتعامل معه على أنه نوع من الوسواس التطبُّعي - أي الذي أصبح عادةً وتطبعًا - ويمكنك أن تتواصل معي بعد شهرين إلى ثلاثة لنرى كيف آلتْ الأمور معك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً