الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تناولت علاجاً هرمونيا لتأخير البلوغ فظهرت أعراض نفسية وجسدية!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة، أريد أن أسرد لكم ما حدث معي في آخر ست سنوات، وأتمنى منكم تشخيصا واضحا لحالتي.

بداية قبل بلوغي لاحظ والداي أنني أقصر قامة من قريناتي -مع أن هذا شيء طبيعي لأن والديّ أصلا قصيران- فقررت أمي أن تأخذني للطبيب من أجل هذا الأمر, ثم كتب لي الطبيب إبرا لتأخير البلوغ حتى يعطي مجالا للعظم لينمو أكثر فأخذتها بمعدل إبرة كل شهر لمدة 6 شهور.

ومع بداية فترة البلوغ والمراهقة انقلبت حياتي رأسا على عقب، وظهرت علي أعراض كثيرة نفسية وجسدية أثرت ولا زالت تؤثر على حياتي اليومية، جسديا: تساقط الشعر, شحوب الوجه واصفراره, حب الشباب, حصوات المرارة, ضعف العضلات والعظام، وصعوبة رفع الأشياء الخفيفة أو تحريك الأطراف, الإمساك المزمن واضطرابات الجهاز الهضمي بشكل عام, الصداع, ازدياد الوزن، وخصوصا في منطقة الحوض, ظهور كتل ليفية في الثدي, نمو الشعر في أماكن غير مرغوبة مثل الذقن والصدر والظهر والبطن.

أما بالنسبة للجانب النفسي: الاكتئاب والانطواء, الرهاب الاجتماعي, التفكير السلبي, الخوف والقلق من أي شيء, الوساوس, انعدام الثقة بالنفس, مع العلم أنني راجعت طبيبا نفسيا، وأنا الآن أتناول الأدوية النفسية منذ ثلاثة شهور ولكن بدون تحسن.

وأجريت أيضا فحصا شاملا لبعض الفيتامينات والمعادن المهمة وكلها كانت جيدة، بحثت كثيرا في Google حتى أجد سببا لهذه الأعراض التي أشعر بها ولكنني لم أتوصل لنتيجة, فقررت أن أكتب لهذا الموقع لعلي أجد تفسيرا واضحا لما حدث لي.

أفيدوني، جزاكم الله عنا كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Misk حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

نشكرك على الثقة في إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.

حالتك -وحسب ما ورد في رسالتك- فيها جانب عضوي، أي جسدي، وهناك الجانب النفسي، وقد يكون هنالك ارتباط وثيق جدًّا ما بين الاثنين، لأن النفس مرتبطة بالجسد، والجسد مرتبط بالنفس، وكلاهما يُكمِّلُ الآخر.

أنت تناولت علاجا هرمونيا لتأخير البلوغ، وكان هذا بقرار من الطبيب، وبعد ذلك حدثت لك هذه المتغيرات التي تشتكين منها الآن، أنا أعتقد أن المتغيرات الجسدية -إن شاء الله تعالى- ليست خطيرة أبدًا، لكنها تستحق الانتباه، وأرى أن أفضل خطوة يمكن القيام بها هي أن تذهبي وتقابلي طبيبًا مختصًّا في أمراض الغدد والهرمونات.

الأمر غالبًا له علاقة بوضع هرموني معيَّن، لا أستطيع أن أقول إنه قد نتج من العلاج السابق، لكن هذا لا يُستبعد، أو ربما يكون لديك الآن تغيرات هرمونية لا علاقة لها أبدًا بما مضى.

فأرجو -أيتها الفاضلة الكريمة- أن تُراجعي الطبيب المختص، -وإن شاء الله تعالى- سوف تجدين منه كل عناية ونُصح وإرشاد وعلاج مفيد.

تحسّن وضعك الجسدي والعضوي سوف يكون حافزًا ودافعًا كبيرًا لك لتحسُّن حالتك النفسية، أرى أن هنالك علاقة أو رابطا من هذه الناحية، أي: الانعكاس السلبي على نفسيتك من خلال ما تُعانين منه جسديًا، وحين يُصحَّح هذا سوف يُصحَّح الآخر، بهذه الكيفية -إن شاء الله تعالى- تصلين للغايات العلاجية المنشودة.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنت لم تُوضحي أسماء الأدوية التي أُعطيتَ لك، لكن غالبًا قد تكون أدوية مُحسِّنة للمزاج ومُضادة للاكتئاب.

الحالات النفسية من هذا النوع -أي من النوع الذي تُعانين منه- تتطلب المتابعة مع الطبيب النفسي، وأنت لست في حاجة لأدوية كثيرة، مُحسِّنٌ واحدٌ للمزاج من الأدوية السليمة الجيدة التي لا تزيد الوزن مثل (بروزاك)، أعتقد أنه سيكون كافيًا بالنسبة لك.

وفي ذات الوقت عليك أن تكوني إيجابية التفكير، إيجابية المشاعر، إيجابية العواطف، إيجابية الأفعال والسلوك، مهما كانت هنالك سلبيات، الدفع المحفِّز نحو أن يكون الإنسان إيجابيًا، هذا -إن شاء الله تعالى- يجلب لك الكثير من السعادة والراحة النفسية.

تنظيم الوقت نعتبره وسيلة ممتازة للإنجاز، والإنسان حين ينجز قطعًا يحسّ بالمردود النفسي الإيجابي.

لا بد أن تمارسي أي نوع من الرياضة التي تناسب المرأة المسلمة، الرياضة محفِّزة للنفس وللجسد، وهي تقوّي النفوس قبل أن تُقوّي الأجساد، وفوائدها أصبحت الآن ثابتة علميًا وبما لا يدع أي مجالٍ للشك.

الحرص على الضوابط الاجتماعية وبناء نسيج اجتماعي سليم أيضًا يزيل الاكتئاب والتوتر والقلق، فاحرصي على هذا، وكوني إنسانة أيضًا متمازجة مع أسرتك، لك حضور داخل الأسرة، لا تعيشي في الهامش أبدًا، كوني فاعلة، احرصي على عباداتك، احرصي على الصلاة في وقتها، حافظي على الأذكار والدعاء، هذا كله يعود عليك -إن شاء الله- بخير كثير.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً