الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من القلق والوسواس والخوف، ما نصيحتكم لي؟

السؤال

السلام عليكم

كنت من قبل في خوف من سرطان الرئة، وكنت قلقاً من الخوف من هذا المرض، وكنت كثير الفحص للعابي وبلغمي.

كان أي ألم في صدري أفسره على أنه سرطان الرئة، وبعد فترة أصابني إمساك وألم في بطني، وأصبحت أتغوط مع خروج دم مع البراز، وأصابني الخوف والقلق بأنه سرطان القولون.

ذهبت المستشفى وقمت بعمل التحاليل والأشعة والفحوصات، والنتيجة سليمة، واتضح أنه شرخ في الشرج، ودخلت في دوامة المستشفيات، ومن مستشفى إلى مستشفى ومن طبيب إلى طبيب، ومن تحليل إلى تحليل، والنتائج سليمة، ولم أقتنع.

أصابني الخوف والقلق، ومع مرور الوقت بدأت بالدخول إلى المواقع والسؤال عن الأعراض، واتضح لي من أعراض المرض هو بروز الغدد اللمفاوية، ودخلت في دوامة جديدة، وهو فحص الغدد اللمفاوية في اليد، وأصابني الخوف وذهبت إلى الطبيب وفحص الغدد باليد والأشعة، والنتيجة سليمة، بعد مرور وقت من الزمن أصابني الخوف بأن لدي سرطان الحنجرة وبدأت بالخوف والقلق، وفي هذه المرة قلت لن أنصاع لأفكاري، ولن أذهب إلى الطبيب، فقد أضعت أموالي على أفكار لا صحة لها، وأصبحت متردداً بين هل أذهب أم لا؟

أصبحت أشخص الأعراض في الإنترنت، وبدأت بالقلق والخوف وبدأت بتحسس الغدد اللمفاوية، فوجدت واحدة حجمها أكبر، وأحسست أنها متورمة، وبدأت بدوامة وخوف من سرطان الغدد اللمفاوية والأمراض، وبدأت أقرأ عن الأعراض.

المشكلة أن كل مرض أقرؤه على الإنترنت أجد جميع أعراضه لدي، حتى إذا طرأ على مخيلتي أن لديّ حرارة أحس بالحرارة، وأقوم بقياس الحرارة، وأجدها طبيعية، وأقوم بقياس ضغطي بشكل كبير أيضاً.

أحس بأن حياتي ضاعت بكثرة التفكير والهم والغم، والقلق والوساوس سيطرت علي، وأنا خائف من الأمراض والموت، صرت لا أعيش يومي إلا بقلق وخوف، حتى النوم الذي ألجأ إليه للابتعاد عن هذه الأفكار أصبح مليئاً بالأحلام المزعجة والكوابيس، وأصبحت أخاف من الأحلام، وأصبحت سريع الغضب قليل التركيز في حياتي وعملي، علماً أني أعاني من الوسواس القهري منذ سنين، وهو الخوف من العين والحسد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Abdullah حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

من الواضح أنك تعاني من أحد المخاوف الشائعة، وهو الخوف من مرض السرطان، والخوف من الأمراض ظاهرة معروفة لدينا في الطب النفسي، ونرى الكثير من تلك الحالات.

هذه الحالات كثيرًا ما تبرز نتيجة للوضع البيئي للناس، وما يُشاع حول هذه الأمراض، أو كما وصف أحد الإخوة الزملاء الأطباء أن الخوف من الأمراض يتبع الموضة، مثلاً تجد الخوف من الإيدز سيطر على كيان الناس لفترة، والخوف من أنفلونزا الخنازير سيطر أيضًا على الناس لفترة، الخوف من السكتات القلبية كذلك سيطر على الناس ... وهكذا.

أما الخوف من السرطان فهو خوف نستطيع أن نقول إنه شبه دائم، لأن مرض السرطان مرض موجود ومستمر، والمستحدثات العلمية والتغيرات البيئية التي حدثت زادتْ في معدّل هذا المرض، مما جعل الناس يكونون أكثر تخوّفًا منه.

كما أن الطب – خاصة الطب التجاري – أدخل الكثير من القلق في نفوس الناس حول هذا المرض، وتضارب المعلومات من هنا وهناك.

عمومًا أقول: أنت شخص قلق نسبيًا، حسَّاس نسبيًا، لديك ميول للوسوسة، وهذا جعلك عرضة للخوف من مرض السرطان.

أقول: توكل على الله، اسأل الله أن يحفظك، وتعوذ بالله من الأمراض وسيء الأسقام، الأمراض موجودة، السرطان وغيره، والأعمار بيد الله – أخي الكريم – الإنسان لا يموت لمرضٍ، إنما يموت في يومه وأجله الذي قد قُدِّر له.

اِسعَ لأن تعيش حياة صحيَّة، هذا مهمّ جدًّا. الحياة الصحية تعني: أن يكون غذاؤك غذاءً متوازنًا، أن تُحسن إدارة وقتك، أن تكون حريصًا على عباداتك، خاصة الصلاة في وقتها، والدعاء والذكر – خاصة أذكار الصباح والمساء – وأن تجعل الرياضة منهجًا أساسيًا في حياتك، وتنظيم النوم أيضًا مهمٌّ، والتواصل الاجتماعي مهمٌّ جدًّا، وكل متطلبات الحياة الصحية من الاهتمام بالأسرة، والتطوير المهني، واكتساب المعرفة.

هذه الأمور – يا أخي – حقيقة تُقلِّل أو تزيل تمامًا الخوف من الأمراض والسرطان وغيره، فأنصحك ألَّا تتنقّل بين الأطباء، إنما ارتبط بطبيبك – طبيب الأسرة – الطبيب الذي تثق فيه، ويمكن أن تقوم بإجراء فحوصات عامَّة كل ستة أشهر.

هذا هو المطلوب في حالتك، وأعتقد أنك تحتاج لأحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف، وعقار (سبرالكس) - حسب تجربتنا مع مثل هذه الحالات - هو الأفضل، دواء رائع، دواء سليم، دواء فاعل، وأنصحك بتناوله بجرعة نصف حبة – أي خمسة مليجرام – يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة واحدة (عشرة مليجرام) يوميًا لمدة شهرٍ، ثم عشرين مليجرام (حبتين) يوميًا لمدة شهرين، ثم عشرة مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم خمسة مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم توقف عن تناوله.

جرعة بسيطة ومدة العلاج قليلة، وأعتقد أنه سوف يُساعدك تمامًا في التخلص من المخاوف القلقية والوسواسية حول مرض السرطان.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً