الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أغير شخصيتي وأعتمد على نفسي؟

السؤال

أحس بقهر شديد، لا أعرف ماذا أريد! لا أحد يستمع لي ولا يهتم بما أشعر به، خصوصا أهلي، فمثلاً: أختي طلبت منها أن تحضر لي شيئا من السوق فرفضت! وأنا متأكدة لو أن أختي الأخرى طلبت منها ذلك فلن ترفض.

أريد الاعتماد على نفسي، وأصرف على نفسي، لكن قلة ثقتي بنفسي وذكائي المحدود، وأيضا سذاجتي تجعلني أنسحب، ولا أعرف أن أدافع عن نفسي، ولا أعرف النقاش، وإذا غلط علي أحد أنفجر غضبا. الكل يكرهني رغم طيبة قلبي، ولا أحد ينجذب لي ولا يحس بما أحس به. لا أريد الظلم أو أن أظلم.

كرهت فكرة الزواج خشية أن يجرحني كالباقي الذين يجرحونني، دائما ليس لدي صداقات، خجولة لا أعرف حتى التعبير عن نفسي؛ أصبحت أكثر من برامج التواصل؛ ليعوضني عن النقص الذي أعيشه مع أهلي، حتى وإن تكلمت مع الأشخاص خلف الشاشات أسكت ولا أعرف كيف أبدأ أو ماذا أقول! بالكتابة جريئة، لكن عندما أتكلم بالصوت بدون الصورة أرتبك وأخجل كثيرا. آخر مره ذهبت لأقدم على وظيفة سألني المدير: هل تعرفي كتابة رسالة؟ قلت لا. قال: كيف وأنت خريجة بكالوريوس؟ فأصبت بإحراج شديد ولم أعرف الجواب، وأصبحت لا أحب نفسي وأقول: لماذا أسلوبي كالأطفال؟! لماذا لا أعرف التحدث كفتاة ناضجة رغم أن عمري ٢٩ سنة؟! لكني أغلب الأحيان لا أحسن التصرف ولا حتى الكلام.

أحبطني كلام المدير عندما قارنني بفتيات أخريات وأنهن جريئات أكثر مني، رغم أنهن أصغر من عمري بكثير، وقال: سوف أجعلك في القائمة ونتصل بك في حال رغبنا في توظيفك. لا أعلم هل هو على حق أم المفترض ألا أهتم لكلامه وأبحث عن مكان آخر؟! هل هذا يعتبر تهربا من الوظيفة أم لا؟ كثيرا ما أتساءل: لماذا الآخرون أسئلتهم قوية وذكية وأنا لو سألت يكون سؤالي بسيطا وساذجا، وتضيع الكلمات مني؟!! حتى عندما كنت بالمدرسة لا أحب الاختلاط مع باقي البنات، وكنت أكتفي بصديقة أو صديقتين، ونادرا ألاقي صديقة تهتم لي، حتى عند دراستي في الكلية لم يكن لدي صديقة واحدة، كنت كل يوم أجلس مع واحدة أو مع مجموعة، لكن لم يكن لدي صديقة معينة ونتشارك في كل شيء، للأسف! كل واحدة أعرفها لديها صديقة تفضل الجلوس معها أكثر مني، ولا أخرج مع أحد أو أتصل بأحد أو أكلم أحدا بسبب أهلي؛ لأن منزلنا بسيط، عكس صديقاتي، كما أن منزل أهلي دائما فيه مشاكل وليسوا اجتماعيين، ومعقدين، أحس أن كل هذا أثر على تكوين شخصيتي هذه، لدرجة أني عندما أدخل في برنامج البث المباشر وأحاول التحدث مع فتاة أو رجل بدون أن يراني أفقد السيطرة على نفسي، وردود فعلي تكون إما الضحك الزائد أو الكلام القليل، ونبرة الصوت تكون منخفضة أو أرتبك، ويبدأ قلبي بخفقان بسرعة.

دكتورنا الفاضل، أريد أن أغير من شخصيتي، لا أريد الاعتماد على أحد، أريد أن أكون قوية دون أن أغضب وأظلم، أريد طرقا كيف أدافع عن نفسي دون تجريح، أريد أن أتحدث كفتاة ناضجة عكس ما يقال أني أتحدث كطفلة، أريد تعلم قيادة السيارة؛ حتى لا أنتظر خدمة من أحد، فأنا طبعي حساسة وغير اجتماعية منذ الصغر، لكن كل هذا أريد تغييره.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مروة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك –أختي العزيزة– وأشكر لك حسن ظنك وتواصلك مع الموقع، سائلاً الله تعالى لك التوفيق والسداد.

لا شك أن مرجع ما تشكين منه من جوانب مقلقة في حياتك، تعود إلى نوع ضعف في الطبيعة والتربية والثقافة المطلوبة؛ أدّى ذلك إلى ضعف في ثقتك بنفسك واختلال في فن العلاقات بالآخرين، إلا أن بالإمكان تجاوز هذه الاختلالات بسهولة –بإذن الله– لاسيما مع كونك تدركين جوانب الضعف والخلل لديك، وكونك على دين وخلق وثقافة دراسية طيبة -والحمد لله تعالى-، كما أن عامل الزمن والتجربة كفيلان بقدرتك على تجاوز هذه المشكلة، مع عدم إهمال واجب مواجهتها ومجاهدة النفس على إزالتها، ويمكن ذلك بالآتي:

- ضرورة التحلي بحسن الظن بالله تعالى، وتعزيز الثقة بالنفس، وقوة الإرادة والإيجابية والعزم والحماس، والثبات والحزم في غير مبالغة، والتفاؤل في القدرة على التخلص من هذه الاختلالات.

- احذري العزلة عن الناس، واحرصي على الاحتكاك بالعاقلات الصالحات الطيبات منهم ما أمكن، مع ضرورة أن يكون استماعك أكثر من كلامك.

- ضرورة تنمية المواهب والقدرات عبر وسائل الثقافة الواسعة بالقراءة في الكتب المفيدة، واستماع المحاضرات والدروس والمواعظ والبرامج النافعة والتمرُّن على عادة التعبير عن مشاعرك بالمشافهة والكتابة في مواضيع مختلفة، وابدئي بكتابة طموحاتك، مع العناية بالتعبير الحسن ما أمكن، على أن يكون ذلك في خلوتك، أو مع من تثقين من أحبابك كوالدتك مثلاً.

- ابدئي أولاً بمحبة ذاتك وتقبلها والاهتمام بها؛ فإن تقبلك لنفسك مقدمة مهمة لتقبُّل الآخرين لك، ثم إشعار الآخرين بمحبتهم والاهتمام بهم، واجعلي لنفسك هدفاً تتطلعين بطموح إلى تحقيقه.

- لا تبالغي كثيراً في إعطاء الناس أكثر مما يستحقون؛ فالبشر جُبلوا على الضعف والجهل والقصور.

- عدم الحساسية المفرطة من نظرة الآخرين لك وكلامهم، بل اجعليه دافعاً لك إلى التعلم من أخطائك، وعدم الخوف من المخاطرة أو المبادرة.

- حافظي دائماً على صدقك وهدوئك وابتسامتك، وطيبتك المرحة والمريحة لأعصابك ولمن حولك، وتحلي بالشعور بالمرح والسعادة والتفاؤل والبشاشة والود والمظهر اللائق، وحافظي على اختيار ألفاظك والكلمات المناسبة.

- أجيدي فن الإصغاء الجيد لمن تتحدثين معه، وتفهُّم نظرتهم وآرائهم وأخبارهم، والحذر من التسرع في تخطئتهم والاعتراض عليهم إلا لضرورة مع التحلي بالهدوء والابتسامة.

- ولا أجمل أو أفضل من الإقبال على الله تعالى بالذكر، وقراءة القرآن، والدعاء والطاعة.

أسأل الله تعالى أن يعيننا وإياك على ذكره وشكره وحسن عبادته، ويرزقنا الثبات على الدين ويهدينا صراطه المستقيم، ويرزقك التوفيق في دراستك ووظيفتك ومحبة الناس لكِ وقبولهم، والنجاح في حياتك عامة، والزوج الصالح والحياة السعيدة.. آمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مجهول مدني محمد

    ماشاء الله عليكم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً