الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

النسيان الشديد جعلني منعزلا عن العالم حتى صرت أتمنى الموت.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عمري 24 سنة، متزوج وأب لطفلة، أعاني من شدة النسيان منذ الصغر، وهذه المشكلة سببت لي ضغوطا نفسية وجسدية، ومثال على ذلك لو نصحني شخص بنصيحة أعجبتني وقررت تنفيذها أنساها، وأتكلم بكلام غير موزون وغير مفهوم وبصوت منخفض، كذلك أجد صعوبة في إتخاذ القرارات في حياتي، وسبب ذلك أن النسيان يؤثر علي ويقلب مزاجي ولا يجعلني أستقر على أمر واحد، وأيضا لا أخرج من البيت إلا نادرا، والسبب أن ليس هناك من أذهب إليه، وإذا وصلت لمكان ما أتردد في الوقوف والتحدث مع الآخرين، وهذه المشاعر جعلتني انطوائيا بلا أصدقاء، لأني لا أجد موضوعا أحدثهم به، وأواجه صعوبة شديدة في التركيز والتخيل، لدرجة أني فكرت كثيرا بالانتحار، لكني أخاف على زوجتي وطفلتي.

لا أفعل شيئا سوى الجلوس في البيت، وتصفح الإنترنت، وتضييع الوقت، وذلك بسبب النسيان الشديد الذي أثر على حياتي ودمرها تدميرا، فلم أعد أبالي بشيء، أنتظر الموت، وإذا مرضت أتمنى عدم الشفاء، فأنا يائس جدا رغم أني مثقف، ولا أستطيع مواجهة الناس، والكسل سيطر علي وسبب لي أمراضا جسدية، وأصبت بالروماتيزم وانتفاخ المفاصل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولاً أقول لك -أخي- لا تقدم على الانتحار، لأن رحمة الله واسعة، لا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما، وهذا سبب يكفي تماماً لأن يجعل كل مسلم لا يقدم على هذا الفعل الشنيع، بل لا يفكر فيه، كل النقاط التي ذكرتها وبخلاصة جميلة جداً جعلتني أقول لك أن القلق هو الذي يهيمن ويسيطر عليك، ومن ثم تحول هذا القلق إلى طاقات نفسية سلبية جعلتك لا تثق في مقدراتك، وجعلتك تكون شخصاً غير فعال ومتردد، وافتقدت حياتك المعنى السامي للحياة، وقطعاً هنالك مخاوف في ظاهرها اجتماعي لكنني أراها مخاوف ثانوية.

أخي: الذي أراه أنك لست مريضا مرضاً نفسياً حقيقياً إنما الذي تعاني منه هي ظاهرة تتطلب منك أن تكون حازماً جداً مع نفسك، النفس تتطلب الحزم والصرامة في مواقف كثيرة حتى نغيرها ونبدلها ونجعلها أكثر إيجابية، وركز على الأسس النفسية السلوكية الثلاثة وهي الأفكار والمشاعر والأفعال، إذا فشلت المشاعر أو الأفكار يجب أن لا تفشل الأفعال، بمعنى أن تجتهد في أن تقوم بواجباتك الحياتية، أنت زوج، أنت أب، أنت لديك التزام حيال أسرتك حيال المجتمع وأنت في هذا العمر، فيجب أن تكون حازماً جداً مع نفسك في أن تفعل، تفعل كل شيء كل ما يقوم به الناس الفاعلون والفعالون وهذا ممكن، التصميم، العزيمة، النية الصادقة، الحزم مع النفس، حسن إدارة الوقت، وأن تجعل لحياتك أهدافاً، بهذه الكيفية -أخي الكريم- تتغير، ولا توجد طريقة أخرى غير ذلك أبداً.

وهنالك أشياء لا بد أن تدخلها في حياتك، مثل ممارسة الرياضة، الإصرار على التواصل الاجتماعي، الإطلاع، القراءة، حضور المحاضرات الجيدة، هذه -يا أخي- مهمة جداً أن تجعلك تستطعم مقدرات ذاتك، ومن ثم تطور هذه الذات، وأنا أنصحك أيضاً أن تقرأ عن علم ذكاء الوجداني أو ما يسمى بالذكاء العاطفي، توجد كتب كثيرة جداً في المكتبات حول هذا العلم الحديث من خلاله نتعلم كيف نتعامل مع أنفسنا بصورة إيجابية، وكيف نفهم أنفسنا، وكيف نطور أنفسنا، وفي ذات الوقت كيف نتعامل أيضاً مع الآخرين بصورة إيجابية، أعتقد أن هذا هو الذي تتطلبه حالتك.

وأعتقد أن مراجعتك لطبيب نفسي أيضاً سوف تكون أمراً جيداً، أنا بدأت الرسالة بنصيحتي لك أن تتخذ موقفاً سلبياً حول الأفكار الانتحارية وأود أن أختمها أيضاً تعليقاً على قولك أنك أصبحت لا تبالي لشيء سوى أنك تتمنى الموت، أقول لك -أخي الكريم- الإنسان لا يتمنى الموت ولا يتمنى لقاء العدو، فاجعل هذه مبادئ لك في الحياة.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر سوسو

    شكرا لكم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً