الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من السرعة في الكلام، وعدم الثقة بالنفس

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب أعاني من عدم الثقة بالنفس، والسرعة في الكلام، فيراني الناس أنني شخص جيد، ولكنني ألوم نفسي كثيرا، وأشعر أنني أسوأ إنسان في العالم دون أسباب.

وبالنسبة للسرعة في الكلام، أحيانا أستغرب من ذلك، وخاصة عندما أتكلم أمام أحد ولا يفهم كلامي، فأعيد الكلام مرة أخرى بشكل بطيء، وأحيانا عند الغضب أتكلم بكلام مفهوم، وبعض المرات أشعر بثقل في لساني، فعلى ماذا يدل ذلك؟

أفيدوني مع الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

إن الثقة بالله أولا، ثم الثقة بالنفس، من أهم ما ينبغي أن يحرص الشاب عليه في حياته وهي: أن يؤمن الإنسان بأن الله منحه عقلاً وقدرات وإمكانيات، وأنه قادر على أن يقوم بالعديد من الإنجازات والقرارات والسلوكيات، والإنسان الواثق بنفسه يدرك تماماً قواه الداخلية، وقدرته على الوصول إلى أهدافه.

والثقة صفةٌ مكتسبةٌ يمكن أن تزداد مع الأيام والتعلم والممارسة، وهذا الأمر مبشر، فالإنسان يستطيع أن يعزز ثقته بنفسه من خلال تطوير مهاراته وإمكانياته وطاقاته وقدراته، ومن خلال التكيف مع الظروف التي يفرضها عليه الواقع مع اختلاف الزمان والمكان.

وإننا قبل البدء بحل أي مشكلة لا بد من الوقوف على الأسباب التي أدت إليها، وما هي أسباب انعدام الثقة بالنفس:

1- التربية: من خلال قيام الوالدين بشكل مستمر على تعزيز مشاعر الإحباط لدى طفلهم، وعدم منحه المساحة الكافية للتعبير عن رأيه.

2- الخوف من الانتقادات وسخرية الآخرين عند قيامه بأي عمل.

3- الشعور الدائم بمراقبة الناس لكل حركة وسكنة يقوم بها.

4- التعرض لموقف فاشل في حياته مع تكرار هذا المشهد، مثل الفشل الدراسي أو غير ذلك.

وإليك خطوات عملية لتعزيز ثقتك بنفسك:

1- احترام الذات: وذلك أن تحترم نفسك وتحبها أكثر، وتؤمن بطاقاتها وقدراتها، فلم تؤنب وتعذب نفسك طالما أن الناس تراك بصورة جيدة حسب تعبيرك، كما أنك حين ترى نفسك أنك سيء بل الأسوأ على الإطلاق أنت بذلك شئت أم أبيت تعكس هذا الانطباع للناس من حولك، ورويداً رويداً ستبدأ الناس تراك فعلاً هكذا بذات المرآة التي ترى نفسك بها.

لذا أنصحك أن تتوقف عن تأنيب النفس وتعطي نفسك حقها من التقدير والاحترام، وتؤمن أنك شخصية لها قبولها الاجتماعي بين الناس من خلال إعطاء الرسائل الإيجابية إلى دماغك، أنك شخص محبوب، أنك ناجح اجتماعياً، قادر على جذب الناس من حولك، فهذا سيغير نظرتك إلى نفسك، وأيضاً ممكن أن تطلب من بعض الناس المقربين منك جداً أن يعطوك رأيهم بصراحة بشخصيتك، فهذا سيساعدك أيضا.

2- ما من إنسان كامل وهذا أمر مؤكد، لذا عليك أن تتوقف باحثاً عن نقاط الضعف التي لديك، والعادات السيئة التي تمارسها، ودونها على ورقة، وتبدأ في العمل على علاجها واحدة تلوى الأخرى، فهذا سيجعلك تشعر بالقوة والثقة، وأيضاً بالمقابل عليك أن تقف على نقاط القوة لديك وتعمل على تنميتها وتعزيزها.

3- الشجاعة: عليك أن تكون شجاعاً في مواجهة أي موقف يجعلك تفقد الثقة بنفسك، أو أي معتقد أو فكرة، وتعتمد على نفيها، وتثبت لنفسك أولاً ومن ثم للناس حولك أنك خلاف ذلك، وبذلك ستتغلب على مخاوفك، وستتغير نظرتك إلى نفسك نحو الإيجابية.

4- الاهتمام بالمظهر الخارجي من الأسباب التي تعطي الإنسان الثقة بالنفس.

5- الثقافة والاطلاع: مما سيزيد المخزون الثقافي لديك، ويمنحك القوة في إدارة الحوار والنقاش في أي موضوع كان، وذلك من خلال حضور الدورات والندوات، ولا سيما الدورات التي تدور حول أساليب تنمية الذات وتعزيز الثقة بالنفس، وقراءة الكتب في شتى المجالات، ومتابعة الأخبار، والبرامج الثقافية والوثائقية، كل ذلك سيعطيك رصيداً لا بأس به، ويجعلك تشعر بالقوة وأنت تتحدث مع الآخرين.

6- المشاركة مع الآخرين في النشاطات الاجتماعية، أو الأعمال التطوعية، أيضاً ذلك سيعطي انطلاقاً أكثر لشخصيتك.

7- الصحبة الصالحة التي تعطيك قوة دفع وإيجابية، وتقدم لك العون والنصح، وتقف معك في كل أحوالك، وإن أخطأت تعينك على تصحيح أخطائك، وإن أصبت تبارك لك، وتفخر بصحبتك وتعتز.

8- ممارسة الهوايات ولا سيما الرياضة إذ أنها تساعد على التخلص من المشاعر السلبية، وترفع اللياقة البدنية والعقلية.

ولعلك إن نجحت في تعزيز ثقتك بنفسك، سيكون ذلك علاجاً لسرعتك في الكلام، فلعل سبب السرعة في الكلام هو شعورك بالخوف والارتباك أثناء الحوار مع الآخرين، الأمر الذي يدفعك إلى إنهاء الكلام بسرعة، كما أن حالة الارتباك التي تكون فيها تشعر أنك عصبي المزاج، بينما الواثق بنفسه، يتكلم بهدوء شديد لأنه يملك القدرة على إيصال الفكرة التي يريد، بالطريقة التي يريد.

أسأل الله أن يجعلك من أهل الفلاح في الدنيا والآخرة اللهم آمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً