الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تنصحوني بالتعدد وأنا لا أملك عملا ولا مالا ولا بيتا؟

السؤال

السّلام عليكم و رحمة الله.

أنا شاب عمري 30 سنة، متزوّج بالعقد الشّرعي من فتاة مؤمنة صالحة تقيّة جميلة، ولم أدخل بها بعد،
ليس لدي عمل لحد الآن، ولا مسكن، وأنا حامل لشهادة عالية.

دخلت حياتي فتاة أخرى صغيرة عمرها 17 سنة، تحبّني بجنون، وأنا كذلك تعجبني، وأريدها زوجة لي، ولكن ليس لديّ الآن القدرة على الزّواج، ولا أريد أن أضيّع هذه الفتاة، فكيف أعمل؟ هل أخطبها من أبيها؟

أخاف أن أفعل ذلك ثمّ بعد ذلك لا يمكنني الزّواج منها لعدم قدرتي المالية، وكذلك لعدم رغبة الزّوجة الأولى والوالدين فأكون قد أمسكتها عن الزّواج وظلمتها.

هي تقول لي أصبر عليك ولو حتّى سنّ 28، فهل أبقى في تواصل معها عبر الفيسبوك حتّى لا تنساني مع الوقت؟ ولكن ذلك حرام، وهل أكلّم أباها الآن أم حتّى أصير مستعدا؟ وهل التعدّد يعيقني عن طلب العلم الشّريف؟

انصحوني كيف أعمل؟ فأنا أريد الفتاة ولو لم ترد زوجتي، ولكن قد أفعلها في الخفاء.\

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ البربري حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

- بارك الله فيك – أخي العزيز – وأشكر لك حسن ظنك وتواصلك مع الموقع, سائلاً الله لك التوفيق والسداد وأن يلهمك الصبر والحكمة والهدى والخير والصواب والرشاد.

- بخصوص ميلك إلى الفتاة الصغيرة المذكورة وتفكيرك في التواصل العاطفي معها, فلاشك أن ذلك مخالف للشرع؛ كونها أجنبية عنك, مع ما يُحتمل من عجزك عن القدرة عن الوفاء بوعدك في الزواج منها؛ نظراً لظروفك المادية حيث لا دار لك ولا وظيفة بعد, فتواصلك معها قد يكون نوعاً من الظلم لها لربطها بك من غير مبرر ظاهر, ولا ينبغي أن تغتر بميولها العاطفية لك لضعف وعيها وغلبة العاطفة لديها؛ نظراً لصغر سنها وتجربتها.

- كما لا يخفاك أن الميل العاطفي من الطرفين كثيراً ما يكون مجرد نزوة عابرة غير مدروسة العواقب والمآلات, فهي سرعان ما تتكدّر بسبب الظروف والتحديات والضغوط المادية والنفسية والاجتماعية ونحوها, الأمر الذي يستلزم منك مراعاته؛ منعاً من تهديد مصالح زواجك من غير سبب شرعي أو عقلي واضح, لاسيما مع ما ذكرته من مزايا إيجابية في زوجتك (الإيمان والصلاح والتقوى والجمال), ولا يخفاك أنها معايير الزوجة المثالية والتي يقل وجودها في مثل زماننا خاصة, فكما اعتبر الحديث مزايا الدين والخلق والأمانة في الزوج, فإنه يُقاس عليها الزوجة أيضاً فيما صح في الحديث: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه – وفي رواية : وأمانته – فزوّجوه, إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير).

- ومن المزايا التي ينبغي مراعاتها أيضاً في الزوجة: توفُّر المال والجمال والحسب والنسب أيضاً إضافة إلى الدين كما صح قوله أيضاً: (تنكح المرأة لأربع : لمالها وجمالها وحسبها ونسبها, فاظفر بذات الدين تربت يداك), مما يدل على أن الصفات الأربعة المذكورة مطلوبة في مقتضى الواقع والفطرة السليمة, إلا أن مزيّة الدين مقدّمة على المذكورات عند التعارض, فاجتماع أكبر قدر من المزايا مطلوب شرعاً وعقلاً, قال تعالى: (فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله).

- وعليه فلا يُكتفى في الميل إلى الفتاة الصغيرة بمجرد جمالها أو تعلّقها العاطفي, حيث يظهر أن صِغر سنها ربما كان مظنّة لضعف المزايا الأخرى المتوفرة في الزوجة, فيكون التواصل معها أو الكلام مع أبيها, أو شغل النفس عن طلب العلم وغيره يشكّل مشكلة لكليكما, كما يفسد بعض الوئام مع زوجتك لغير مبرر واضح.

- والخلاصة, فالذي أنصحك به ترك التواصل معها والكلام مع أبيها وشغل النفس والبال حتى تكون مستعداً بعد إتمام زواجك وتوفُّر القدرة المادية والشعور بالحاجة الحقيقية إلى التعدد.

- لا يخفاك أن الزواج من حيث الأصل يُشترط فيه الباءة (القدرة المادية والجسمية), فالتعدد – ولاشك – من باب أولى نظراً لكثرة ضغوطاته المادية والاجتماعية والنفسية, حيث أن التعدد يتضمّن مفاسد واقعية كما لا يخفى, وإنما شرعه الله تعالى دفعاً لمفاسد أكبر, فينبغي أن تتوفر فيه القدرة والحاجة إليه حقيقة حيث عجز الزوجة الأولى عن الوفاء باحتياجات الزوج الضرورية أو الحاجية.

- أوصيك بالدعاء لله تعالى وصلاة الاستخارة, وعدم التعجُّل في قرار مهم كهذا, والصبر في التفكير بالتعدد فضلاً عن الشروع فيه حتى تتهيأ الظروف والحاجة كما سبق, قال تعالى: (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله), وهذه الآية واردة في حق العاجز عن الزواج بالأولى, فالثانية من باب أولى.

- وفي سبيل تحصيل عون وتوفيق الرحمن, فأوصيك بلزوم ذكر الله تعالى والدعاء والطاعة والصلاة وقراءة القرآن, ولزوم الصحبة الصالحة وطلب العلم النافع والتركيز على دراستك وما ينفعك في دينك ودنياك.

أسأل الله تعالى أن يفرج همك ويشرح للصواب صدرك وييسر له أمرك ويرزقك الزوجة الصالحة والحياة السعيدة والرضا والقناعة بما قسمه الله لك, والله الموفق والمستعان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية أحمد

    اخي الكريم لماذا تحكم عاطفتك وليس عقلك ؟ انت الان في الثلاثين من العمر ولا تملك وظيفة وليس لديك مال وتريد التعدد ولم تدخل بزوجتك الاولى بعد . لماذا لا ترتب اولوياتك وترى ما هو الانسب لك في الوقت الحالي ؟ ثم ان تواصلك مع الفتاة الاخرى وانت متزوج اصلاً وليس لديك عمل وقدرة على التعدد خطأ بحد ذاته . انا لست مستشاراً ولكنني في مثل عمرك تقريباً احثك على ترك الفتاة التي تتحدث معها ووضح لها انك متزوج وهي مازالت صغيره والحياة امامها وابحث عن عمل وادخل بزوجتك وكف عن ( اللعب على حبلين )

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً