الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

منذ الصغر والفشل يلاحقني، فكيف أعيد تأهيل حياتي؟

السؤال

السلام عليكم.

عمري 29 سنة، أشعر أني غريب الطباع والسلوك والعادات وكثير التفكير، وأعاني من إعاقة في العين اليسرى حيث لا أبصر بها، وكان زملائي في المدارس يسخرون مني منذ الصغر، وكنت أكتم حزني، وفشلت في كل المراحل الدراسية حيث دخلت الثانوية الفنية، وأهلي كانوا يرغبون في دخولي الثانوية العامة.

بدأت معاناتي مع أصدقاء السوء، وكان تفكيري يدور حول المال والثراء، وكيف أجمع المال وأعيش بعيدا عن الجميع وحدي، حيث كان والدي يعاملني بقسوة، وكنت أعاني من التبول اللاإرادي، وأتعرض للضرب منه، ويذكرني بفشلي الدراسي، وكانت أمي حنونة، وتوجهت للتدخين، وكنت يائسا.

بعد كل هذه المعاناة عرفت أني مريض نفسي، فراجعت أكثر من طبيب نفسي، وكانت كل المحاولات فاشلة، وآخر طبيب وصف لي هيرمبرو10، وبيدرمين100، فتحسنت الحالة المزاجية.

وبعد فترة فقدت السيطرة على نفسي، فصرت أمارس العادة وأدخن بشراهة، وأشاهد الأفلام الإباحية، فراجعت الطبيب مرة أخرى، فوصف لي ويلبوترين150.

أخيرا قررت التوقف عن مراجعة الأطباء، فأنا أعاني منذ 17 سنة من اليأس من الحياة، ولا أستطيع فعل أي شيء، علما أني أواظب على قراءة القرآن ومحبوب من الناس، وخدوم، وأنوي القيام بعمرة لأكفر عن ذنوبي، فأنا على يقين أنه ابتلاء من الله.

أسأل الله أن أجد عندكم حلا لمشكلتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، نسأل الله لك العافية والشفاء، وأتمنى بأنني أستطيع أن أساهم بقدر ما أستطيع فيه منفعتك، بعد تدارسي لرسالتك والأحداث الحياتية والسلوكية التي مررت بها والتكوين النفسي لشخصيتك أستطيع أن أقول أنه ربما يكون لديك شخصية قلقة حساسة تحمل أيضاً بعض الجوانب الوسواسية، وكذلك التقلبات المزاجية والتقلب في المواقف، هذا -أخي الكريم- جعلك تعيش نوعا من التنافر مع نفسك وحتى التنافر مع الآخرين، وجعلك تعاقب ذاتك معاقبة قاسية، وذلك من خلال مشاهدتك الأفلام الإباحية وممارسة العادة السرية بالصورة التي ذكرتها، هذه المعاقبة للذات لا أعتقد أنك تجني أي لذة من هذا الذي تقوم به حتى وإن شعرت أن هنالك شهوات تشعرك بشيء من الارتياح، لا هذا عقاب للذات وهذا دليل أنك تسعى لتحطيم ذاتك.

وقطعاً حياتك كما ذكرت لك تحمل الكثير من المتناقضات حتى من الناحية القيمية، الحمدلله أنت تصلي ولديك ورد قرآني، وفي ذات الوقت تمارس الأشياء التي تخالف ذلك تماماً، واضح أن النزاع بين نفسك الأمارة بالسوء ونفسك اللوامة أفقدك الوصول إلى مرحلة النفس المطمئنة، فيا أخي الكريم أنت مستبصر حباك الله بالعقل والإدراك ويجب أن تفرق بين الخير والشر، والحق والباطل، والحلال والحرام بصورة أكثر صلابة وعقلانية، وتضع نفسك في طريق الرشد والأمان والتوبة، وأن تدرك أنك صاحب مقدرات وإمكانات ومهارات حتى إن عانيت في زمن الطفولة ومشاكل الدراسة، وفقدان أحد عينيك، لكن الآن أنت -الحمد لله تعالى- في مرحلة كبيرة من النضوج، في مرحلة كبيرة جداً من الإدراك، وأعتقد أنك إذا قمت بوضع بعض الكوابح لنفسك واندفعت اندفاعاً إيجابياً، وانخرطت في عمل جيد، وطورت مهاراتك، وتواصلت اجتماعياً، وأن تكون حريصاً على بر والديك، وأن تمارس رياضة يومياً، وأن تسعى أيضاً للتوازن الغذائي هذا مهم جداً -أخي الكريم- ويفيدك كثيراً، أنا أريدك أن تنقل نفسك من الحياة النفسية السلبية إلى الحياة النفسية الإيجابية على الأسس التي ذكرتها لك، والنفس -أيها الفاضل الكريم- لا بد أن تكبح كما قلت، وحفز نفسك من خلال الأعمال الجميلة والأعمال الراقية والأعمال النقية، وهي كثيرة وموجودة جداً.

اجعل لنفسك برنامجا يوميا تدير من خلاله حياتك، وضع لنفسك برامج مستقبلية، وضع أهدافك بوضوح وجلاء، وضع الآليات التي توصلك إلى أهدافك.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا أعتقد أن عقار فافرين والذي يسمى فلوفكسمين قد يكون دواء مفيدا جداً لك، والجرعة التي تتناولها هي 50 مليجراما ليلاً لمدة شهر، ثم 100 مليجرام ليلاً لمدة 6 أشهر، ثم 50 مليجراما ليلاً لمدة شهر، ثم 50 مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء، أنا أعرف أنك الآن لا تفضل الذهاب إلى الأطباء، لكن أتمنى أن لا تتوقف من الأدوية التي وصفت لك إلا بعد أن تقابل الطبيب وتعرض عليه رأيي حول الدواء الذي ذكرته لك.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً