الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تراودني فكرة قتل نفسي أو أولاد إخوتي بسبب الوسواس القهري

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

منذ أربعة أشهر تراودني فكرة القفز من مكان عال أو إلقاء أولاد إخوتي من مكان مرتفع، واتضح بعد زيارة الطبيب أنني مصابة بالوسواس القهري، ووصف لي لوسترال جرعة 50 ملجم يوميا، ثم بعد أسبوع 75 ملجم، ولم أتحسن، فرفع الجرعة إلى 225 ملجم يوميا، وبعد أسبوع إلى 300 ملجم يوميا.

مرت ثلاثة أشهر منذ بدأت العلاج، هناك بعض التحسن، لكن الأفكار موجودة وتشتد أحيانا، وتشتت ذهني وترهقني.

لقد نسيت طعم الراحة من هذه الأفكار، أحيانا أظن أن مشكلتي مس أو عين، لأني حينما أقرأ القرآن أتثاؤب كثيرا وأشعر بضيق نفس، فهل يمكن أن يكون السبب مسا أو عينا؟ وبماذا تنصحونني؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ خديجة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بالفعل هذه أفكار وسواسية سخيفة ولا شك في ذلك، وأنا أبشرك وأطمئنك وأقول لك أن الوساوس من هذا النوع لا يمكن للإنسان أن يتبعها أو يُطبِّقها أبدًا، هذا مُثبت ولا شك في ذلك؛ لأن الذين يُعانون من الوسواس القهري دائمًا تجدهم من أصحاب الضمائر اليقظة، وتجد لديهم منظومة أخلاقية عالية جدًّا، لذا لا نراهم في ساحات المخالفات أو الجريمة، فاطمئني من هذه الناحية.

النقطة الثانية هي: العلاج لوحده لا يفيد كثيرًا، نعم يُساعد بدرجة كبيرة، لكن الذي لا يُطبِّق تطبيقات سلوكية بعد أن يتوقف من العلاج قد تحدث له انتكاسة، فأرجو أن يضع لك الطبيب برنامجا سلوكيا لتفتيت ومقاومة هذه الوساوس.

أهم البرامج هو تجاهل الوسواس، وتحقير الفكرة، وعدم تحليلها، وربطها بما هو مخالف لها.

وهنالك بعض التمرينات السلوكية البسيطة جدًّا لكنّها مفيدة، أحد هذه التمارين هي ما يُسمَّى بالتنفير: اجلسي على كرسي أمام طاولة وأنت في حالة استرخاء، وتأمّلي في شيء جميل، وتذكري هذه الفكرة الوسواسية، وفي نفس اللحظة قومي بالضرب على يدك بقوة وشدة على سطح الطاولة الصَّلِب حتى تحسِّين بألمٍ شديد، الهدف هو أن تقرني ما بين الفكرة الوسواسية السخيفة والألم، يُكرر هذا التمرين عشر إلى عشرين مرة متتالية بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء، علماء السلوك وجدوا أن المتنافرات لا تلتقي، والألم يُنفِّر الفكرة الوسواسية، لذا تلقائيًا سوف تضعف، وهكذا.

هذه أحد الحيل السلوكية البسيطة، والتي يمكن أن يُطبِّقها الإنسان لوحده.

والأمر الآخر هو: أن تُكثري من الاستغفار، والصلاة على الرسول -صلى الله عليه وسلم-، هذه أيضًا تُفتِّتُ الوساوس، وهذا أمرٌ مجرَّب تمامًا.

المس والسحر والعين هذا كله حق، لكن أيضًا الإنسان مُكرَّم، المؤمن والمسلم في حفظ الله، وإن وُجد من هذه الأمور شيء بالنسبة لمن يذكر الله تعالى على حق فإن الله سيُبطله، فتيقّني، احرصي على صلاتك في وقتها، أذكار الصباح والمساء وأذكار النوم مهمَّة وضرورية جدًّا لتحفظ الإنسان المؤمن من كل هذه الشرور -بإذن الله تعالى-.

بالنسبة للعلاج الدوائي – أيتها الفاضلة الكريمة -: الزولفت دواء ممتاز – أو ما يُسمى باللسترال – لكن حقًّا وأمانة أنا أرى أن الجرعة كبيرة بعض الشيء، لا أريد أن أنتقد أبدًا زميلي الطبيب، لكن أنا شخصيًا لا أعطي أكثر من مائتي مليجراما من هذا الدواء، لكن أضيف له دواء آخر يُعرف باسم (رزبريادون) بجرعة واحد مليجراما ليلاً لمدة شهرٍ، ثم أجعلها اثنين مليجراما مثلاً لمدة ثلاثة إلى أربعة أشهر، ثم أخفضها إلى واحد مليجراما ليلاً لمدة شهرين أو ثلاثة، ثم يمكن التوقف عنه.

الرزبريادون ودواء آخر يُعرف باسم (إرببرازول)، هذه أدوية فاعلة، وتُدعّم حقيقة فعالية دواء مثل اللسترال لعلاج الوسوسة.

هذا الأمر معروف لدى الأطباء، وإن أردتِّ أن تُناقشي الأخ الطبيب في رأيي هذا فلا بأس في ذلك أبدًا.

وبعض الناس يستفيدون من عقار (بروزاك)، ويُضاف إليه عقار (فافرين) مع جرعة صغيرة من عقار (رزبريادال) الذي ذكرته.

توجد الحمد لله تعالى سعة في الموضوع، وتوجد أدوية كثيرة وفاعلة، وكل الأطباء المؤهلين وأصحاب الخبرة في الطب النفسي لديهم إلمام كامل بهذا الموضوع.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً