الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنا معجبة بدكتور يكبرني بسبع سنوات وأريده زوجا.. ما نصيحتكم؟

السؤال

أنا طالبة بالطب البشري تقديري دائما "جيد مرتفع" وأسعى لتحقيق ما هو أفضل بإذن الله، لست على قدر عال من الجمال، معجبة بدكتور يكبرني بحوالي سبع سنوات، أشعر به حبا، ليس إعجابا، ولكنه كان من الطلبة المتفوقين جدا، وعمله الآن بالجامعة ومستواه المادي والاجتماعي يفوقني كثيرا، عائلته ليست بالأطباء، لكن لها مستوى عال، بخلاف عائلتي، لا أسخر من عائلتي إطلاقاً، لكنا نعيش بمنزل متواضع -الحمد لله-.

سؤالي: هل يؤثر الفارق المادي والتعليمي والاجتماعي بين الطرفين، هل يمكن لشاب مواصفاته ممتازة أن يقبل بما هو أقل, دائما ثقتي مهزوزة أشعر بنفسي قليلة للغاية أشعر أني لا أستحق ما هو أفضل مني وألا يجب أن أحلم أحلاما تطيح بي، وأردد دائما يجب أن يحلم كل شخص بما هو مناسب له ليس كلاما خياليا فحسب.

أدعو الله دائما أن يجعل لي فيه الخير، ويكون خير زوج، ومنذ بداية تعلقي بهذا الأمر ودعائي وأنا أشعر بالقرب من الله بالذكر والدعاء، وقراءة سورة البقرة لأسباب كثيرة منها أن يريح الله فؤادي.

بخصوص سؤالي:
ينتابني الخوف من أن يستهزأ بي هو أو أي فرد من عائلته يوماً ما، تمر بي أوقات أدعو الله أن يتزوج بأخرى في أقرب وقت كي ينتهى كل هذا، ولكي لا أنهار، ما أن تنتهى دعوتي ولا أستطيع تخيل ذلك أبدًا، بداخلي حرب كبيرة لم يستطع حتى الآن أن ينتصر أحد طرفيها.

أرجو إعانتي على التفكير بما هو واقعي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بسنت حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -أختنا الكريمة- وردا على استشارتك أقول:
نبارك لك اختيارك لهذا القسم المهم ولدرجاتك الجيدة، وبتوكلك على الله، ثم بإصرارك وهمتك ستتحسن درجاتك بإذن الله تعالى، فهذا ليس مستحيلا.

اجتهدي أكثر ودوني المعلومات واحفظيها جيدا، ووسعي مدارك، ولا تكتفي بالمقررات الدراسية، وبهذا تسهل عليك المواد الدراسية، وتتضح لك المسائل الغامضة.

ينبغي أن تكوني واثقة بنفسك، وأن تكوني طموحة للوصول إلى أعلى المراتب فالعلم لا يناله إلا من كان صاحب همة وطموح وليس للمكانة الاجتماعية أي مكانة في هذا الجاني، بل إن نيل التخصص الدقيق والمرتبة العالية هو من يكسبك مكانة في المجتمع.

الجمال منحة من الله يهبه لمن يشاء وكل خلق الله حسن، ثم إن نظرة الجمال تختلف من عين لأخرى، فمن الناس من يكون معجبا بالبياض، ومنهم من يكون معجبا بالبشرة الحنطية، أو السمراء فما يراه هذا حسنا ليس بالضرورة أن يكون حسنا عند الآخرين، فعليك ألا تحتقري نفسك، وأن تكوني واثقة وراضية بما قسم الله لك.

ابنتي الكريمة: إياك أن تعرضي نفسك للذل بتعلقك بهذا الشاب، فدينك يريدك أن تكوني عزيزة مطلوبة لا ذليلة طالبة.

التعلق خارج إطار الزوجية سيجرك إلى مشاكل كثيرة قد تصل إلى مرحلة الاكتئاب إن لم يتحقق مرادك، فأنت الآن متعلقة بهذا الشاب، وهو لا يشعر بك ولا يبادلك ذلك الشعور ولا يدرى هل هو مرتبط وإن لم يكن مرتبطا فهل يرغب في الزواج بك؟ وإن كان يرغب فهل يوافق أهلك؟ وإن وافقوا فما موقف أهله؟ فاتركي هذا التعلق، وكوني على يقين أن رزقك سيأتيك، فإن كان في تقدير الله أن يكون زوجا لك فسيكون، ولن يستطيع أن يقف في طريقكما شيء، وإن لم يكن في تقدير الله ذلك، فلن تتمكني من الزواج به ولو أنفقت كنوز الدنيا.

هنالك عادات في بعض الأسر فلا تزوج ولا تتزوج ممن هم أقل منهم مرتبة في الناحية المادية أو الاجتماعية، لكنها ستبقى مجرد عادات، وقدر الله تعالى وإرادته هي النافذة كما قال تعالى: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ).

الفارق العمري بينك وبينه ليس كبيرا، ولا يؤثر ذلك بإذن الله فيما لو قدر الله تعالى لك الزواج به.

تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، وسلي الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح الذي يسعدك في هذه الحياة، وأكثري من دعاء ذي النون فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).

التفكير في أمر الزواج في هذه المرحلة قد يسبب لك تشويشا وشرودا في ذهنك، ويؤثر على تحصيلك العلمي، ولذا فإني أنصحك أن تركزي على دراستك وكوني على يقين أن رزقك سيأتيك لا محالة بإذن الله تعالى.

وثقي صلتك بالله تعالى واجتهدي في تقوية إيمانك من خلال الإكثار من العمل الصالح فذلك خير معين لك في حياتك وهو ما سيجلب لك الحياة الطيبة كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

الزمي الاستغفار، وأكثري من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك من أسباب تفريج الهموم في الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا ، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا ، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).

أكثري من تلاوة القرآن الكريم، وحافظي على أذكار اليوم والليلة يطمئن قلبك يقول تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).

نسعد بتواصلك، ونسأل الله لك التوفيق والسعادة في حياتك كلها، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي يسعدك إنه سميع مجيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً