الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القلق يعيق مسيرة حياتي، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في البداية أود أن أشكركم على هذا الموقع الأكثر من رائع، ففيه جهد مبذول واضح، و-بإذن الله- سيكون في ميزان حسناتكم.

أود أن أخبركم بمشكلتي التي استمرت أكثر من 7 سنوات، وهي كالآتي:

بدأت مشكلتي منذ الثانوية، حيث أصبت بالقلق والتوتر الحاد بسبب تركيزي للحصول على نتائج تمكنني من الدخول للجامعة، بدأت أشعر بنوبات هلع وصداع، وأصبت بالقولون العصبي.، طبعا الوساوس هجمت علي لدرجة أني صدقت بأني مصابة بمرض خطير.

ذهبت إلى الدكتور، وقال لي: أن جميع فحوصاتي لا تدل على وجود أي مرض، وقال لي: بسبب تفكيرك وتركيزك على النتائج أدى إلى تلك الأعراض التي تعانين منها.

بعد انتهائي من الثانوية وعند دخولي للجامعة تفاقم الوضع، حيث أصبحت كثيرة القلق والتوتر والخوف والتفكير السلبي والوساوس، أفكر كثيرا في كل شيء حتى في الأمور الصغيرة، وأتوتر من كل شيء، ولا أستطيع التركيز.

تركيزي أصبح ضعيفا حتى عند الحديث مع الأهل أو الأصدقاء، يشرد ذهني وأسرح كثيرا، لم أعد أستطيع التركيز في صلاتي ولا عند قراءة القرآن، وأعيد وضوئي أكثر من مرة، حتى أستطيع التأكد أني لم أنس عضوا لم أضع عليه الماء، أو الشك بطهاراتي.

عند قراءتي لأذكار الصباح والمساء أعيدها أكثر من مرة؛ لأني أشعر أني لم أقلها بالشكل الصحيح، أو نسيت قراءة آية، لم أعد أشعر بلذة العبادات مع أني أقوم بتأدية النوافل، وأستغفر وأسبح الله كثيرا، ولكن لا جدوى.

بدأت أبحث في الإنترنت عن أعراض حالتي، وعلمت بأنني مصابة بالوساوس القهرية، إلى جانب القلق والخوف وضعف الثقة، لم أعد أثق بنفسي في تأدية أي عمل حتى عند تخرجي من الجامعة، -والحمد لله- رزقت بالوظيفة المناسبة، إلا أنني أشعر بأنني لا أستطيع تأدية المهام على أكمل وجه، وأخاف من الفشل، وأنني لن أتحمل مسؤولية نفسي.

اكتشفت أيضا بأني لدي رهاب اجتماعي وخجل زائد، أخجل عند الحديث مع أكثر من شخص، حتى لو كانوا نساء، وأيضا أخجل من أقاربي وصديقاتي، أتوتر عند الإلقاء وهناك جمهور كبير، وأتلعثم وأنسى ما أريد قوله، وأخجل من قول الحق إذا كانت هناك مشكلة، أو الحق معي أخجل من قوله.

مع مواجهتي لمجال العمل والحياة العملية صرت أخاف من كل شيء، أخاف من المستقبل ومن الزواج وتحمل المسؤولية ومواجهة الصعاب، وكل ذلك ترك أثرا في نفسي من قلق وخوف وتفكير زائد ووساوس لا نهاية لها، لم أعد أعيش بحدود يومي، مع أني مؤمنة بأن الله معي ويحميني ويريد بي الخير دائما، ولكن لا أدري ما العمل مع تلك الأفكار السلبية والوساوس.

أعلم بأن كل ما أمر به نتيجة للقلق وخوف وتوتر ووساوس وأفكار سلبية وخجل زائد ورهاب اجتماعي، كل أقاربي يدعونني بالفتاة القلقة، أحاول قدر الإمكان أن لا آخذ كل الأمور على محمل الجد وبروية، ولكن لاإراديا أتوتر بسرعة.

أنا شابة عمري 23 سنة، ولدي حياة تنتظرني، أريد أن أحقق طموحاتي وأحلامي وأحقق النجاحات وأجازف وأواجه الصعاب بكل قوة وشجاعة، وأكون سعيدة وكل هذا بما يرضي الله، فهل هناك علاج لحالتي؟ أبكي كل يوم من وضعي، وأشعر بالإرهاق والتعب ويائسة ومحبطة.

أعتذر بشدة على الإطالة، وشكرا لكم ولوقتك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

رسالتك واضحة جدًّا، وقد وعرضتِ أعراضك بصورة جيدة ومنظّمة ومنسَّقة، والذي استنتجه أنه بالفعل لديك ما يمكن أن نسمّيه بقلق المخاوف الوسواسي، وقد كانت البدايات مبكّرة نسبيًّا - أي في مرحلة الثانوية - والقلق أصلاً طاقة نفسية مطلوبة، وأعتقد أن القلق كان مرتبطًا بالتحصيل الأكاديمي - كما تفضلتِ وذكرتِ - وبعد ذلك اشتدَّ وظهرتْ معه المخاوف وكذلك الوسوسة، وهذا كله يؤدي إلى الشعور بالإحباط وتقليل الكفاءة الاجتماعية.

الحالة -إن شاء الله تعالى- بسيطة جدًّا، أنت تحتاجين لعلاج دوائي وعلاج اجتماعي وعلاج نفسي وعلاج إسلامي أيضًا:

- على النطاق النفسي: يجب أن تكوني إيجابية في تفكيرك، أن تُحقّري فكرة الخوف والوسوسة، وأن تتجاهلي هذه الأفكار تجاهلاً تامًّا.

- على النطاق الاجتماعي: يجب أن تُكثري من التواصل الاجتماعي الإيجابي، وأن تنظمي وقتك، وأن تمارسي شيئًا من الرياضة التي تناسب الفتاة المسلمة، وأن تضعي لنفسك أهدافا وآمالا، وتضعي الآليات التي توصلك إلى أهدافك -بإذن الله تعالى-.

- على النطاق الإسلامي: الحرص على الصلاة في وقتها، وقطعًا الدعاء والأذكار حتى وإن كنت تُكرِّريها فهذا نوع من الوسوسة، وهنا اعزمي على نفسك ألَّا تُكرِّري أبدًا، لكن حاولي أن تكوني حاضرة البديهة وحاضرة البال، هذا مهمٌّ جدًّا، الحضور النفسي والذهني مهمٌّ جدًّا حين يتلو الإنسان الذكر، أما أن يكون القلب غافلاً وهناك وسوسة وشرود ذهنٍ فهذا أجد فيه نقص، وإن كان اللسان رطبًا بذكر الله تعالى.

تلاوة شيء من القرآن، ويا حبذا لو ذهبت إلى أحد مراكز تحفيظ القرآن، وهي -الحمد لله تعالى- منتشرة في قطر، بجانب حفظ شيء من القرآن والتعلُّم والتدبُّر ستجدين نفسك -إن شاء الله تعالى- وسط الدَّارسات في محيطٍ آمنٍ وجيد، وهذا سيطوّرُ كثيرًا من مهاراتك الاجتماعية.

- العلاج الدوائي: عقار مثل الـ (سبرالكس) سيكون هو الأفضل بالنسبة لك، دواء ممتاز، دواء سليم جدًّا، ولا يضرُّ أبدًا بالهرمونات النسائية، يمكنك أن تذهبي إلى المراكز الصحية، فالخدمات هنالك ممتازة جدًّا، ومعظم الأطباء الموجودين بالمراكز الصحية مدرَّبون حقيقة لدرجة جيدة جدًّا على علاج مثل هذه الحالات البسيطة، فقد يصف لك الطبيب السبرالكس، وهو متوفر بالمراكز الصحية، أو قد يعطيك دواءً آخر مناسبًا.

نسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً