الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإقدام على الزواج وصعوبة الوضع المادي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
يوجد لدي مشكلة وأحتاج إلى العون من الرحمن ثم منكم في حلها، فأنا شاب أبلغ من العمر 23 سنة، وأنا موظف في إحدى شركات القطاع الخاص -ولله الحمد- وأسكن مع أهلي في بيت واحد.
فضيلة الشيخ! أنتم تعلمون ما حال الشباب اليوم بين الفتن والمعاصي وغيرها، إلا من هداه الرحمن، وأنا ولله المنة والفضل شاب أصلي وأعرف الله، وأنا لا أخلو من العيوب أو المعاصي، ولكني بشر، وإنسان أخطئ وأحب أن أجنب نفسي الشر وما يقرب إليه، فأنا أصلي وأبر بوالدي، وأفعل بعض الطاعات التي أسأل المولى أن تكون خالصة لوجهه، ولكني لا أخلو من المعاصي، وأنا شخص لا أقوى على فتن الدنيا التي نعيشها اليوم، فنحن في زمن يحتاج الشخص فيه إلى الثبات والمحافظة على نفسه من كل هذه الأمور، فقد انتشر الربا والزنا والملهيات وغيرها من الأمور التي نسأل الله أن يجنبنا إياها.
مشكلتي أني إنسان ضعيف أمام الفتن، وخصوصاً النساء، لا يعني أني أقع في الزنا والعياذ بالله! لا ولكني أحس أني دائم التفكير ومشوش العقل، فالإعلام والصحبة، وما نراه اليوم من نسائنا يجعل الجسم يشيب، فأنا أخاف أن أقع في أمور قد تغضب المولي، ففكرت بأن أرتدي درع الزواج كي أجلب لنفسي ما ترغب، وأيضاً كي أبعد عني هذه الفتنة، وأيضاً كي أتقرب إلى ربي بهذا الأمر، وكي أكسر غريزتي الجنسية، وأجعلها فيما أحل الله، وليس فيما حرمه، فعندما فكرت بهذا الموضع وجدت نفسي مصراً على الزواج، رغم أني ليس لدي المؤهلات المادية التي تعينني على ذلك، وكذلك والديّ ليس لديهم القدرة المادية لتزويجي، ولكني مصر وعازم ومتوكل على الله بأن أبدأ الخطوة الأولى، وحتى لو كانت أوضاعي لا تسمح فاختصرت الأمر على أني سوف أنوي.

أبحث عن الفتاة المناسبة، ومن ثم أسكن مع أهلي إلى أن يشاء الله، رغم أن بيتنا صغير، ولكن ماذا أفعل إلى أن يرزقني الله بشيء أفضل، ولكني متردد ماذا أفعل، فالدافع الوحيد لإصراري على الزواج هو أني ـ ولله الحمد ـ أعمل ومرتبي قد يكفيني لأصرف على نفسي، وزوجتي ولكني خائفاً ومترددا هل أسكن مع أهلي أم أنتظر وأخرج خارج المنزل أي (في بيت مستقل) رغم أني الكبير في البيت، ولدي من الإخوان (2 و3) بنات، وهم أيتام ويحتاجون إلى مراقبة وإلى شخصاً يكون معهم في البيت، فأنا أعتبر رجل البيت، ولكني حائر هل أكمل ما أنا مصر عليه أم أبقى هكذا تلتهمني فتن الدنيا؟ أم أتزوج وأبقى مع أهلي ماذا أفعل؟ والله إني حيران.
ساعدوني في الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد أفرحتني رغبتك في العفاف وأسعدني حرصك على القيام بواجباتك تجاه أسرتك فأنت حقاً رجل البيت، ومن أمثالك ننتظر الخير، ونسأل الله أن يوفقك لما يحبه ويرضاه، وأن يسهل أمرك، وأن يغفر ذنبنا وذنبك.

ومرحباً بك في موقعك وبين آبائك وخوانك وشكراً على سؤالك.

ولا يخفى عليك أن خير البر عاجله، وأنه لا عاصم من الفتن بعد حفظ الله إلا بالزواج فلا تتأخر وكن على ثقة إن الله سبحانه يعين من يطلب الحلال، وأرجو أن تحسن الاختيار، ومن الضروري أن تشاركك الوالدة في ذلك، وسوف تكون سعيدة بك وبزوجتك وأولادك؛ لذا أعطها مكانتها، واجتهد في برها، واستمع لرأيها، ولا تقصر في حق إخوانك وأخواتك، وأعلم أن ذلك لون من البر لأبيك الذي نتمنى أن تكثر له من الدعاء، وتذكر أن بر الوالدين وصلة الرحم من أٍسباب التوفيق للخيرات.

وحبذا لو علم الشباب أن الزوجة تأتي ومعها رزقها وكذلك العيال، وأننا كلفنا السعي والاجتهاد، ولم تكلف بالأرزاق، وما كل عامل بمرزوق، ومنن الله تغدو وتروح، فسبحان من كتب الأرزاق، وحدد الآجال، وقال في كتابه: ((وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى))[طه:132]، وهو سبحانه المعين والموفق.
وكان السلف يقولون التمسوا الغنى في النكاح يتأولون قول الله تعالى: ((إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ))[النور:32]، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، فأشغل نفسك بطاعة الله، وابحث عن مصادر أخرى للرزق، وتذكر أن علينا فعل الأسباب، أما الأرزاق فهي من الوهاب.
وهذه وصيتي لك بالسير في مشروع الزواج والتوجه إلى الكرام الوهاب، واحرص على صاحبة الدين تربت يداك، وانظر في حالة الفتاة وفي استقرار بيتها، وعليك بصلاة الاستخارة، ومشاورة أهل الخبرة والدارية، ثم توكل على من بيده التوفيق والهداية، وارفع إليه أكف الضراعة، وزود نفسك بالتقوى الله لتنال الحسنى وزيادة.
ونسأل الله أن يسهل أمرك وأن يجعلك في خير وزيادة، وأن يقدر لك الخير ويرضيك به.
وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً