الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضرب الطفل وأثره النفسي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.
حقيقة لا أعرف كيف أبدأ، أنا أقسو على ابني (عمره ثلاثة أعوام ونصف) حين يخطئ وأضربه، فأنا لا أريد له إلا أن يكون في أحسن حال دائماً، بل إني أشعر أحياناً أني أفقد وعيي عندما يخطئ، وأضربه بقسوة، ربما كان هذا بسببي أنا، في طفولتي كنت أشعر أن والديّ يفضلان أخي عني ويميزانه عني في المعاملة، والآن أشعر أني أقسو على ابني وأحاسبه على كل كبيرة وصغيرة لا شعوريا، بينما أخي يعطي ابنه (أكبر من ابني بسنة تقريباً) مطلق الحرية، فأنا أخاف على ابني من الكبت أو يصبح مهزوز الشخصية، فأنا لا أدري أين المشكلة ولا أعرف الحل!؟

أرشدوني لكي أربي ابني وأجعله يكون قوي الشخصية وأن يتحمل المسئولية ليكون إنساناً معطاء، وفي الوقت ذاته الذي لا أريده أن يكون فوضويا أو عبثيا وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ قاسم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلا شك أنك تنتهج منهجاً تربوياً خاطئاً، وأنت مدرك تماماً لحجم هذه المشكلة، فالضرب لهذا الصغير سوف يؤدي إلى الكثير من الأذى على النطاق التربوي والنطاق الجسمي والنطاق النفسي، والإنسان إذا أدرك ما قد يحدث من مشاكل من فعل ما، فيجب أن يتجنب هذا الفعل، وأنت رجل مدرك، وهذا ابنك وفلذة كبدك، فكيف تسمح لنفسك حقيقة أن تقوم بكل هذا حياله؟ يجب أن تراجع نفسك، يجب أن تجلس جلسة مع نفسك، وهذا المنهج منهج خاطئ، منهج نتائجه سلبية جدّاً على الطفل، وفي نفس الوقت يُشعرك أنت أيضاً بالذنب وعدم الارتياح.

هنالك أمر أود أن ألفت النظر إليه، وهو أن بعض الآباء والأمهات قد يفتقدون تحمّل تصرفات الصغار، هؤلاء غالباً ما يكون لديهم إما اضطراب في الشخصية أو الإصابة باكتئاب نفسي، والبعض أيضاً قد يُبرر ويقول: إنه كان قد عومل بقسوة في صغره وكأنه يُسقط كل مشاعره السلبية على من هو أضعف منه.

يجب أن تصحح مفاهيمك، يجب أن تحاسب نفسك، يجب أن تتذكر أن هذا الابن في عنقك وأنه أمانة وأنه نعمة من نعم الله عليك، وتذكر -أيها الفاضل الكريم- من حُرموا من الذرية، تذكر أنك أفضل من أناس كثيرين، فيجب أن تحسن حفظ هذه الأمانة، وهذا المنهج الذي تنتهجه خطأ، ويجب أن تصمم الآن وتقول: (إن منهجي التربوي خطأ، أنا منذ هذه اللحظة سوف أعامل ابني بالحسنى، سوف أرشده، سوف أوجهه، سوف أحتضنه، سوف أقبّله، وسوف أحفزه، وسوف أتجاوز عن سلبياته، فهو لا يزال صغيراً).

ويعرف -أخي الكريم- أن تجاوز وتجاهل السلوك السلبي لدى الصغار هو من أفضل الوسائل التربوية، ويعرف أن الضرب للصغار يُضعف الشخصية يسبب الإهانة، هذا أمر مثبت علمياً، أنت تقول إنك تريده أن يكون قوي الشخصية، لا يمكن أن يكون قوي الشخصية وأنت تقوم بضربه، أنت تعرف الداء وتعرف الدواء، وأنا أقول لك: حاول أن ترعى ابنك بصورة تربوية متوازنة، هنالك كتاب جيد كتبه الأخ الدكتور (مأمون مبيض) وهو من فلسطين المحتلة، والكتاب اسمه (أولادنا من الطفولة إلى الشباب)، أرجو أن تتحصل على هذا الكتاب وأن تتطلع على ما فيه، وأسأل الله أن يجعل فيه فائدة لك.

إذا كنت تحس بأي نوع من الاكتئاب أو أي عسر في المزاج أو عدم تحمل للفوضى والضوضاء والإزعاج وكذلك المضايقة من الآخرين، ففي رأيي يجب أن تقدم نفسك لأي طبيب نفسي موجود في المنطقة التي تعيش فيها، ولا شك أنه سوف يسدي لك النصح المطلوب، وسوف يقوم أيضاً بوصف العلاج الدوائي إذا كنت فعلاً تعاني من أي اكتئاب نفسي.

أرجو أن تتيح لابنك الفرصة بأن يلعب من الأطفال الآخرين، فما زال صغيراً، ولكن اجعله يستمتع بطفولته، لا تفرض عليه القيود المحكمة، واسأل الله أن يحفظه، وحقيقة التشجيع والتحفيز وإبداء الشعور الطيب نحو الطفل هو من أفضل مناهج التربية، أما ما تقوم به فهو خطأ، وأنت رجل مدرك ومستبصر، وعليك أن توجه إرادتك بصورة مختلفة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً