الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس من حق الغير أن يغتاب من لم يوقع عليه الظلم

السؤال

سؤالي هو: عندما يظلمني شخص ما أو يسيء معاملتي أو أكون منزعجة من تصرف شخص ما، أحس براحة نفسية عندما أحكي لأمي ما فعله ذلك الشخص معي وأبث لها( بعد الله تعالى طبعا) أحزاني، وأنا متأكدة من أنها ستذكر ذلك الشخص بسوء حين ترى استيائي منه وستقول لي مثلا إنه كذاب أو إنه سفيه أو إنه غشاش أو عديم المروءة... فهل علي إثم عندما أفضفض لها عما في نفسي علما وأني لا أستطيع البوح إلا لأمي أقرب شخص إلى نفسي، وعلما أني أكون متأكدة في كل مرة من أنها لن تتوانى عن أي وصف سيء للشخص الذي يزعجني أو يظلمني ويعكر مزاجي، هي تنصحني دائما ولكن ذلك لا يكون إلا بعد أن تغتاب ذلك الشخص الظالم أو المسيء في حقي، فماذا أفعل؟

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

إن من حقك أن تكافئي ممن اغتابك أو ظلمك، وليس ذلك من حق أمك، ولا يجوز أن تخبريها بما سيحملها على المخالفة.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

قبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى أن الإساءة التي قلت إنك تتلقينها من بعض الأشخاص، يجوز لك أن تكافئي بمثلها إذا كانت مما تجوز المكافأة فيه، والأفضل العفو، لقول الله تعالى: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ {البقرة:194}، وقوله تعالى: وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {الشورى:40}، وقوله تعالى: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ {النحل:126}، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: وكذلك له أن يسبه كما يسبه، مثل أن يلعنه كما يلعنه، أو يقول: قبحك الله، فيقول: قبحك الله، أو أخزاك الله، فيقول له: أخزاك الله، أو يقول: يا كلب يا خنزير، فيقول: يا كلب يا خنزير. فأما إذا كان محرم الجنس مثل تكفيره أو الكذب عليه لم يكن له أن يكفره ولا يكذب عليه، وإذا لعن أباه لم يكن له أن يلعن أباه، لأن أباه لم يظلمه. انتهى.

ولا تجوز المكافأة بما ليس من جنس الاعتداء، كما أن هذه المكافأة حق للمعتدى عليه، ولا يتعداه إلى غيره، فليس من حق أمك -إذاً- أن تغتاب أؤلئك الذين أساؤوا إليك، وبالتالي فإذا كنت تعلمين أنها ستفعل ما ذكرته عنها، فإنه لا يجوز لك أن تبوحي لها بما حدث لك، لأنك إن فعلت كنت حاملة لها على ارتكاب الإثم، والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني