الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العفو عن المبتدع والكافر

السؤال

أنا أعلم أن المسلم يؤجر عندما يعفو عمن ظلمه من المسلمين.هل يؤجر المسلم كذلك إذا عفا عن مبتدع أو كافر؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

خلاصة الفتوى

العفو من الأخلاق المندوب إليها مع الآخرين ولو كانوا غير مسلمين أو غير صالحين.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

العفو من مكارم الأخلاق التي ينبغي للمسلم أن يتحلى بها، سواء كان المعفو عنه مسلما أو غير مسلم صالحا أو غير صالح مستنا أو مبتدعا ؛ والأدلة الواردة في الندب للعفو عامة لا يخصصها شيء ومنها: قوله تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {الشورى:40}، وقال تعالى: وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {الشورى:43}، وقال تعالى: وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {التغابن:14}،خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ {الأعراف:199}

وهذه كلها آيات مكية أي أن العفو فيها أو في أكثرها مأمور به مع المشركين كما في أسباب النزول، كما أن من المعلوم أن النبي عفا عن كفار مكة بعد الفتح، ثم إن استعمال العفو مع الكافر من البر المأذون به كما قال عز وجل: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {الممتحنة/7} وقد يكون وسيلة لدعوتهم وترغيبهم في الدخول في الإسلام فيكون بذلك فيه أجر عظيم.

على أننا ننبه على أمر هام نبه له العلماء وهو أن العفو إنما يكون حسنا ومندوبا إليه إذا كان يترتب عليه إصلاح، لا إن كان يتولد عنه مفاسد ومضار وإلى ذلك تشير آية الشورى السابق ذكرها وهي قوله تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ.

وإذا كان الأمر كذلك فإن في الأخذ بهذا الخلق مع الاحتساب أجرا عظيما ولا ريب؛ فنسال الله أن يهدينا لأحسن الأخلاق فانه لا يهدي لأحسنها إلا هو.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني