الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التعامل الحسن مع الناس لوجه الله بغض النظر على حصول المصلحة

السؤال

كيف ننصح الأخوات اللواتي يتعاملن مع الناس من باب المصالح لا من باب العمل لله؟

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

ينبغي أن تكون علاقة المسلم مع الآخرين مبنية على أساس الشرع ابتغاء مرضاة الله تعالى وامتثالا لأمره حيث أمر بالإحسان وقال إنه يحب المحسنين، ورغب النبي صلى الله عليه وسلم في السعي في حاجة المسلم وتفريج كربته وستره لا أن تكون على أساس المصالح فقط.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنه ينبغي للمسلم أن يكون تعامله مع الآخرين مبنيا على أساس الشرع ابتغاء مرضاة الله تعالى وامتثالا لأمره حيث أمر بالإحسان وأخبر الله سبحانه أنه يحب المحسنين، ورغب النبي صلى الله عليه وسلم في السعي في حاجة المسلم وتفريج كربته وستره.

فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة. رواه البخاري

وفي سنن أبي داود عن أبي إمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أحب الله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان ..صححه الألباني

فلتنصح الأخت السائلة هؤلاء الأخوات بأن يكون تعاملهن مع الآخرين منطلقا من علاقة المسلم بالمسلم فيحسن إليهن لله ويقضين حاجتهن لله، فإن الحب لله هو الحب للمؤمن من أجل دين الله وطاعته وامتثال أوامره لا لمصلحة دنيوية أو قرابة، والبغض عكسه فهو بغض العاصي بسبب معصيته بقدر معصيته وبغض الكافرين والبراء منهم.

قال صاحب تحفة الأحوذي : وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله أي يحبه لغرض وعرض وعوض، ولا يشوب محبته حظ دنيوي ولا أمر بشري، بل محبته تكون خالصة لله تعالى فيكون متصفا بالحب في الله وداخلا في المتحابين. انتهى

وقال المناوي: وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله أي لا يحبه لغرض إلا لغرض رضا الله حتى تكون محبته لأبويه لكونه سبحانه أمر بالإحسان إليهما، ومحبته لولده لكونه ينفعه في الدعاء الصالح له وهكذا.

وقال أيضا عند شرح حديث أبي داود: من أحب وأبغض وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان، من أحب لله أي لأجله ولوجهه مخلصا لا لميل قلبه وهو نفسه، وأبغض لله لا لإيذاء من أبغضه له بل لكفره أو عصيانه، وأعطى لله أي لثوابه ورضاه لا لميل نفسه، ومنع لله أي لأمر الله كأن لم يصرف الزكاة لكافر لخسته وإلا لهاشمي لشرفه؛ بل لمنع الله لهما منها. انتهى.

وقال أيضا: أفضل الإيمان أن تحب لله وتبغض لله لا لغيره، فيحب أهل المعروف لأجله لا لفعلهم المعروف معه، ويكره أهل الفساد والشر لأجله لا لإيذائهم له. انتهى.

فكل مسلم مطالب بمعاملته إخوانه المسلمين بالطيب فيسلم عليهم ويبش في وجوههم وينصح لهم ويهنئهم ويعزيهم ويحسن بهم الظن ويساعدهم قدر المستطاع ويحب لهم ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه يستوي في هذا سائر المسلمين بغض النظر عن القرابة والمصالح، وهذا لا يعني أن المصالح غير معتبرة بل هي معتبرة في الجملة، فيشرع للإنسان أن يكافئ من أحسن إليه كما أن النفس مجبولة على حب من أحسن إليها، كما يشرع له أن يتبادل المنافع مع الآخر لكن لا ينبغي أن يكون تعامل المسلم مع الآخرين على أساسها فقط، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بمكافأة من أسدى معروفا بقوله: من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سأل بالله فأعطوه ومن دعاكم فأجيبوه ومن صنع إليكم معروفا فكافئوه، فان لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه ...رواه أبو داود وصححه الألباني

وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها:

103867 ،49028 ،46583.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني