الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لم يأت دين بمثل ما أتى به الإسلام من معالي الأخلاق

السؤال

ما حكم من قال إنه دخل معبد البوذيين في الهند وأنه تعلم منهم الصفح والمغفرة وأنَ له معلما منهم, وأنَ البوذية فلسفة حياة وليست دينا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فكل ما يدين به الناس ويتعبدون به يسمى دينا، وإن كان باطلا كالبوذية والهندوسية والنصرانية وغيرها من الأديان الباطلة، قال تعالى: لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ {الكافرون:6}، فسمى ما عليه كفار قريش عبَّاد الأوثان دينا، والدين الحق هو الإسلام وحده، كما قال تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ {آل عمران:85}، ولا يوجد شيء من الأخلاق الحسنة عند أمة إلا وفي الإسلام خير منها، وما أُتِي هذا القائل إلا من قبل جهله بالإسلام وأخلاقه، وقد قال تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً {المائدة:3}، فقد أتم الله الدين بعقائده ومعاملاته وعباداته وأخلاقه، فلا يوجد أتم منه ولا أكمل منه.

ولا يجوز أن يتخذ المسلم معلما وثنيا يحبه ويهتدي بهديه، ولا أن يدخل معابد الكفار حال وجود المنكر فيها من غير مصلحة شرعية معتبرة كدعوتهم إلى التوحيد، وقد غضب النبي صلى الله عليه وسلم على من أراد أن يتعلم من بعض كتب أهل الكتاب، فكيف بمن أراد أن يتعلم من الوثنيين كالبوذيين ويعظمهم ويتخذ منهم معلمين؟! فعن جابر بن عبد الله: أن عمر بن الخطاب أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتب فقرأه النبي صلى الله عليه وسلم فغضب، فقال: أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده لو أن موسى صلى الله عليه وسلم كان حياً ما وسعه إلا أن يتبعني. رواه الإمام أحمد وقواه الألباني بشواهده.

وأما الصفح والعفو وغيرها من مكارم الأخلاق فلم يأت دين بمثل ما أتى به الإسلام من معالي الأخلاق، فقد قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ. رواه أحمد، وفي رواية البخاري في الأدب المفرد: إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ. وصححه الألباني.

وأين ما تعلمه أو قاله غير المسلمين عن الصفح والعفو من قوله تعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {آل عمران:133-134)، وللفائدة في ذلك راجع الفتوى رقم: 34579، والفتوى رقم: 682.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني