الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفرق بين وسوسة النفس ووسوسة الشيطان

السؤال

هل النفس الأمارة بالسوء توسوس بالأمور الخاصة بالعقيدة ، فمن المعلوم أن الشيطان يوسوس للإنسان وأيضا يوسوس له في مجال العقيدة والنفس الأمارة بالسوء توسوس بالأمور الخاصة بالشهوات فهل النفس الأمارة بالسوء توسوس أيضا بالأمور الخاصة بالعقيدة والخطرات السيئة والكفرية (والعياذ بالله) ، وما حكم الوساوس المتكررة المسماة بالوسواس القهري وما هو السبيل للتخلص من الوساوس نهائيا؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فظاهر النصوص أن النفس توسوس كما أن الشيطان يوسوس، دون تفريق بين أمور العقيدة وأمور الشهوات. وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين شر النفس وشر الشيطان في الدعاء الثابت في الصباح والمساء والنوم: اللهم عالم الغيب والشهادة فاطر السموات والأرض رب كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر الشيطان وشركه. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح. وأبو داود وأحمد. وصححه الألباني.

ومما يدل على أن للنفس وسوسة، قوله تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ {سورة ق: 16} قال السمعاني: الوسوسة حديث النفس. وقال البيضاوي: ما تحدثه به نفسه وهو ما يخطر بالبال، والوسوسة الصوت الخفي.

ويدل على ذلك أيضا قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست أو حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم. رواه البخاري ومسلم. ويمكن أن يحمل عليه أيضا ما رواه أبو هريرة قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به؟ قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم. قال: ذاك صريح الإيمان. رواه مسلم.

ومما حُفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة الحاجة: ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا. رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة، وصححه الألباني.

وفي الدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لحصين بن عبيد والد عمران: اللهم قني شر نفسي. رواه أحمد وابن حبان، وصححه الألباني.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: الفرق بين الإلهام المحمود وبين الوسوسة المذمومة هو الكتاب والسنة، فإن كان مما ألقي في النفس مما دل الكتاب والسنة على أنه تقوى لله فهو من الإلهام المحمود، وإن كان مما دل على أنه فجور فهو من الوسواس المذموم، وهذا الفرق مطرد لا ينتقض، وقد ذكر أبو حازم في الفرق بين وسوسة النفس والشيطان فقال: ما كَرِهَتْه نفسُك لنفسك فهو من الشيطان فاستعذ بالله منه، وما أحبته نفسك لنفسك فهو من نفسك فانهها عنه (مجموع الفتاوى 17 / 529).

وقد نص العلماء على أن الإنسان لا يعاقب على ما توسوس به نفسه من المعاصي ما لم يعملها أو يتكلم بها، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 8685. وقد سبقت لنا فتوى بعنوان: الفرق بين وسوسة الشيطان والنفس وبين الفكر السليم، وهي برقم: 54808، ويمكنك للفائدة مراجعة الفتوى رقم: 107789.

وأما ما يتعلق بالوسواس القهري فقد سبق بيان ماهيته وعلاجه في عدة فتاوى، منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3086، 56276، 60628، 52345، 3171 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني