الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

ما هي حقوق المسلم في العيش الكريم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلم يتضح لنا ما تقصده من قولك حقوق المسلم، ولكن بصفة عامة فقد كفل الشرع للمسلم الأمن على دمه وماله وعرضه؛ لما جاء في صحيح البخاري من قول الرسول صلى الله عليه وسلم: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام.

ومن أجل ذلك حرمت الشريعة العدوان على نفس المسلم بالقتل، والعدوان على أطرافه بالجرح والقطع وغير ذلك، والعدوان على ماله بالسرقة والغصب والاختلاس والنهب وغير ذلك، والعدوان على عرضه بالزنا والقذف والغيبة والسب وغير ذلك، وحرمت ظلمه وخذلانه، ففي الصحيحين أن رسول الله قال: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره. التقوى ههنا - ويشير إلى صدره ثلاث مرات - بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه وماله وعرضه. وحرمت أيضاً هجره ومقاطعته؛ كما في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري.. وجاء في سنن أبي داود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار. صححه الألباني.

وأوجبت له أيضاً على إخوانه جملة من الحقوق كي ينعم المجتمع المسلم بالأمن، ويحيا بالمحبة والوئام، فمن ذلك أن أوجب الشرع حسن الظن بالمسلم المستقيم على أمر الله فتلتمس له الأعذار ولا يظن به إلا الخير، قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12}، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث... قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شراً وأنت تجد لها في الخير محملاً. وقال ابن سيرين رحمه الله: إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذراً، فإن لم تجد فقل: لعل له عذراً لا أعرفه.

ومن ذلك أنها أوجبت عيادته إذا مرض، وتشميته إذا عطس، وإجابة دعوته، واتباع جنازته، وبذل النصيحة له، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: حق المسلم على المسلم خمس؛ رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس. متفق عليه. وفي رواية في صحيح مسلم: حق المسلم على المسلم ست: إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعُده، وإذا مات فاتبعه.

ومن ذلك وجوب المحبة والوفاق بين أفراد المجتمع المسلم، بل قد جعل الرسول هذا طريق الجنة، فقد ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تدخلوا الجنة حتى تحابوا، ألا أدلكم على أمر إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم.

كل هذه الحقوق وغيرها إذا التزمها المسلمون توفرت لهم الحياة الكريمة الآمنة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني