الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المعصية لا تقابل بالمعصية

السؤال

قريبتي يا فضيلة الشيخ تزوجت منذ مدة و بعد الزواج بان لها -حسب روايتها و الله أعلم-كثير من العيوب تتعلق بحقوقها كزوجة وبالتحديد في جانب النفقة والمهر. هي تسكن فوق أهل زوجها وزوجها يريد أن تأكل معهم معظم الوقت وأن تقضي الوقت معهم وأن تساعدهم في أمور البيت-رغم كثرة عدد بناتهم-أسوة بزوجات أخيه. قريبتي رفضت ولم تقاطع أهل زوجها و كانت تنزل لهم وتقوم بطبخ الأكل وتنزل معها حلويات وما شابه وتقول بأن هذا يكفي.المهم احتدم الصراع مع زوجها بخصوص هذا الموضوع و صارت حياتهم غير مستمرة وكانت تصر دائما بأن أم زوجها وراء كل هذا لأنه في كل أمر بينهم أو معظمها لكي نكون صادقين كان يقول صدقت أمي التي قالت كذا وكذا. عادت قريبتي لبيت أهلها غاضبة من زوجها ومصرة على الطلاق وبحسب روايتها أسبابها منطقية وتتعلق بحقوق أساسية منها النفقة وشكها في عدم كتمان زوجها لأسرار بيته عن أهله. و بلغ قريبتي من الناس أنهم أي أهل زوجها يصفونها بأبشع الأوصاف ويتحدثون عن سوء طبعها وظلمها لزوجها. جاءت والدة الزوج لبيت أهل الزوجة وواجهوها بما حدث فلم تنكر وصارت تلوم الناس و لكن المفاجأة أنها قالت بأن ابنها-أي الزوج- كان يحدثها بتفاصيل علاقته بزوجته وما يحدث بينهم ويقول بأنها تكرههم وغيره. أعلم أني أطلت عليكم و لكن سؤالي هو هل يجوز أن يحدث الرجل أمه بما يجري بينه وبين زوجته حتى ولو كان بينهم مشاكل؟ مع العلم لم يكن بقصد حل المشاكل وإنما تم عن أمور قبل مغادرة قريبتي لبيت الزوجية بوقت طويل. وهل يجوز أن يتحدث أهل الزوج عن المرأة وأسرار بيتها للأقارب و للجيران إذا غادرت البيت غاضبة. و للعلم أوصل الناس لقريبتي كلاما حدث بينها وبين زوجها و لم يكن معهم أحد وأمه تعترف بأنه كان يخبرها بكل شيء فهل يجوز اغتيابهم بالمقابل من باب رد الاعتداء والسيئة بالمثل كما ورد بالقرآن الكريم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فينبغي للزوج أن يعلم أن من حق زوجته أن يوفر لها مسكنا مستقلاً، وأنه لا يلزمها خدمة أمه أو غيرها من أقاربه، إلا أن يكون ذلك من إحسان الزوجة وكرم خلقها، فلا يجوز له أن يجبرها على ذلك، كما أنه لا ينبغي لأحد أن يتدخل في حياة الزوجين، إلا بالنصح أو المشورة، ولا شك أن إخبار الزوج أهله بتفاصيل حياته الزوجية وما يدور من خلاف بينه وبين زوجته، وكذلك إخبار زوجته بانتقاد أمه لها، كل ذلك ليس من الحكمة التي ينبغي أن يتعامل بها الأزواج، بل إنه إذا أدى إلى الإفساد بينهما فهو من النميمة المحرمة، كما أن حديث أهل الزوج للجيران والأقارب بأسرار زوجة ابنهم لا ينبغي بل قد يكون من الغيبة إذا كان بما تكرهه هي.

وننبه إلى أن الزوجة لا يجوز لها أن تخرج من بيت زوجها دون إذنه ولو كانت غاضبة، وكذلك ما فعله بعض الناس من إخبارها بإساءة أهل زوجها إليها في الكلام، فذلك من النميمة المحرمة، وينبغي تحذير هؤلاء الناس، وعدم مجاراتهم في هذا المنكر، وتراجع في ذلك الفتوى رقم:112691.

ولا يجوز رد ذلك بغيبة أهل الزوج، فإن الغيبة محرمة، ولا تجوز إلا في مواضع مذكورة في الفتوى رقم:29510.

أما أن يقال إن ذلك من رد الاعتداء بمثله، فذلك خطأ، وإنما ذلك في غير المعاصي.

قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم: وليس لك أن تكذب عليه وإن كذب عليك ، فإن المعصية لا تقابل بالمعصية. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني