الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أفشى سر صاحبه فكذبه فدعا عليه

السؤال

أفشيت سرا لصديقي وقد أقسمت أنني لن أفشيه عندما استأمنني عليه ولكن عندما شعرت أن إفشاء السر سيكون في غض النظر عن ما أفعله وسيتحول النظر والغضب عليه....وكان السر عملا وكنت قد شاركته فيه ولكنني أخرجت نفسي من الموضوع عندما أفشيت سره..واتصلت به هاتفيا ووضعته على مكبر الصوت حتى تسمع والدتي بأذنها..وقلت أتتذكر كذا وكذا، ولكنه للأسف كل الذي قاله أنسى الموضوع ولم يعلق.....وعندما واجهه الأهل أنكر هذا السر ليدافع عن نفسه...لأنه سيقع في مشاكل وكان سيتسبب بالطلاق..ولكني كنت مصرا على أن يعترف وحاولت جاهدا على أن يعترف ولكنه ظل منكرا ذلك....هو يعاملني كأخ له وصديق وأعلم انه وثق بي وأنني خنته بعد فترة لا تتعدى ال5 شهور ولم يضرني بشيء أبدا...ولكن الذي حصل....ولكن عندما لم يعترف أقسمت أنه إذا لم يقل الصدق سوف أدعو عليه ليلا و نهارا لأنه ظلمني بأنني أكذب وأمي ساعدتني في الموقف وقالت له مرة أخرى إنه إذا لم يعترف سوف أدعو عليه ليل نهار أن لا ينجب..وفعلا مرت سنة ونصف ولم ينجب طفلا واحدا...ولا أريد الاستغفار حتى يعترف..
ولكن سؤالي...بما أنه ظلمني بقوله إنني كاذب وأن السر غير صحيح، وعدم إنجابه حتى الآن مع العلم أن زوجته حملت بعد دعائي ولكنها أجهضت دليل على استجابة الدعاء؟
وهل دعائي فيه جور..أو شيء من هذا القبيل؟ أم أنه مقبول بما أني مظلوم...ومثل ما أظهرت سره أمام الجميع من الأهل هو نعتني بالكاذب مع أنه يعلم صدقي..أمام الجميع من الأهل..فما زالوا يعتقدون أنني كاذب...وأنا صادق..
أرجو الرد على الرسالة بأسرع وقت فأنا أريد أن أعرف هل أنا على صواب أم الدعاء سوف يرتد علي عندما أتزوج؟ لأني مستمر بالدعاء عليه ....بعدم الإنجاب.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإفشاء السر خيانة للأمانة، فإذا كان إفشاء سر صديقك يترتب عليه ضرر به فهومحرم لما فيه من الخيانة والظلم له، فقد روى أحمد وأبو داود وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا حدث الرجل بحديث ثم التفت فهي أمانة حسنه الألباني.

ومعنى ثم التفت أي: التفت يمينا وشمالا خشية أن يراه أحد، جاء في عون المعبود: قال ابن رسلان: لأن التفاته إعلام لمن يحدثه أنه يخاف أن يسمع حديثه أحد وأنه قد خصه سره، فكان الالتفات قائما مقام اكتم هذا عني أي خذه عني واكتمه وهو عندك أمانة. انتهى.

قال صاحب الإنصاف: قال في أسباب الهداية: يحرم إفشاء السر. وقال في الرعاية: يحرم إفشاء السر المضر. انتهى.

فعلم من هذا أن من أفشى السر فهو خائن للأمانة, والله سبحانه لا يحب الخائنين, قال سبحانه: إِن اللهَ لا يُحِب الْخَائِنِينَ {الأنفال:58}.

قال الغزالي في الإحياء: وإفشاء السر خيانة وهو حرام إذا كان فيه إضرار، ولؤم إن لم يكن فيه إضرار. انتهى.

وقال الماوردي فى أدب الدنيا: إظهار الرجل سر غيره أقبح من إظهار سر نفسه لأنه يبوء بإحدى وصمتين الخيانة إن كان مؤتمنا، والنميمة إن كان مستخبرا، فأما الضرر فيما استويا فيه أو تفاضلا فكلاهما مذموم وهو فيهما ملوم. انتهى.

ولكن هناك حالات يجوز فيها، أو يجب إفشاء السر سبق بيانها في الفتوى رقم: 24025, والفتوى رقم: 7634 .

فإن لم تكن هناك حاجة شرعية معتبرة لإفشاء السر فإنك تكون قد بدأت بالعدوان على صديقك بإفشاء سره وخيانة أمانته, وإخلاف الوعد معه, والحنث في اليمين الذي أقسمته له أن تحفظ له سره.

أما أن يكذبك هو في ذلك فهذا إثمه فيه على نفسه وحسابه على ربه, وما كنت لتتعرض لتكذيبه لك لو أنك حافظت على سره, فلا تلومن في ذلك إلا نفسك .

وأما بالنسبة للدعاء عليه فإنا لا نعلم ما هو الذي دعاك لإفشاء السر وهل هناك حاجة شرعية معتبرة لذلك أم لا؟ وما هو العمل الذي اشتركتما فيه؟ وهل هو مباح أم لا؟ لكنا على كل حال نقول إن كنت قد أفشيت السر لحاجة شرعية معتبرة, وترتب على تكذيبه لك ظلم فهو ظالم والظالم يشرع الدعاء عليه.

أما إذا لم يكن قد ظلمك بفعله فلا يجوز لك الدعاء عليه, وقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 20322, ما يشرع وما يمنع من الدعاء على الناس, وذكرنا فيها أنه إذا دعا أحدٌ على أحد بغير حق كان هو الظالم، ولم يستجب الله له، كما ورد في الحديث الذي رواه مسلم وغيره: لا يزال يُستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم.

وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 98665 ، 71626 ،38889 ، 95862 ، 21067.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني