الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا تدفع السيئة بما هو أكثر منها

السؤال

حججت سنة 1978 مع زوجي وفي يوم من أيام تواجدنا بمكة المكرمة أخذت معي قنينة لأملأها من ماء زمزم وبينما كنت أملأ القنينة تقدمت نحوي امرأة سمراء أظنها أفريقية ودفعتني لتملأ إناءها قبلي فما كان مني إلا أن أهرقت ما تجمع لدي من ماء في القنينة على رأسها وانصرفت فهل أثمت بسبب هذا التصرف؟ وماذا علي فعله لأكفر عن عملي مع تلك المرأة؟ والله تعالي يقول: فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج. أفتوني رحمكم الله في الدنيا والآخرة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أخطأت هذه المرأة حين دفعتكِ، وقد وصلتِ إلى الماء قبلها، وكنتِ أحق منها بالسقاية، ولكنكِ أيضاً أخطأتِ حين دفعتِ السيئة بأسوأ منها فسكبتِ الماء فوقها، وكان ينبغي لكِ أن تطبقي قول الله عز وجل: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ { فصلت:34}

وإذا أبيتِ إلا أخذ حقك فكان يمكنكِ أن تدفعيها كما دفعتكِ دون زيادة لقوله تعالى: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ {النحل:126}.

أما وقد مضى على هذا الأمر زمنٌ طويل، ويظهرُ أنكِ تبتِ إلى ربك عز وجل، ولا يمكنكِ الوصول إلى هذه المرأة واستحلالها، فيكفيكِ أن تستغفري لها، وتجتهدي في الدعاء لها، وتستغفري ربكِ عز وجل من هذا الذنب وانظري الفتوى رقم: 7315.

وأما حجكِ فصحيح ولا يؤثر في صحته هذا الذي فعلته، وإن كان معصية فإن المعاصي لا أثر لها في صحة الحج، وإن كان لها أثر في ثوابه، وهذا مذهب عامة العلماء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني