الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال عن أشياء لا فائدة في السؤال عنها

السؤال

لو ذهب ثلاثة أشخاص إلى المريخ ومات أحدهما فكيف يبعث؟ وما هو الدليل الشرعي من القرآن أو السنة؟ وهل تمطر السماء ماء على جميع الكواكب؟ وهل توجد بكتريا على سطح المريخ؟ أريد جوابا من القرآن أو السنة أو اجتهادا إن لم يكن، وغالبا ما سألت كثيرا من ذوي الخبرة ويعتقدون أنني قد كفرت ولا أرى منهم جوابا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد ورد النهي عن سؤال ما لا فائدة فيه، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللّهُ عَنْهَا وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ {المائدة:101}.

قال الحافظ ابن كثير في تفسيره: هذا تأديب من الله تعالى لعباده المؤمنين ونهي لهم عن أن يسألوا عن أشياء مما لا فائدة لهم في السؤال والتنقيب عنها لأنها إن أظهرت لهم تلك الأمور ربما ساءتهم وشق عليهم سماعها . اهـ .

وقد استدل بالآية على كراهة المسائل خصوصاً ما لم ينزل، قال القرطبي: قال ابن عبد البر: السؤال اليوم لا يخاف منه أن ينزل تحريم ولا تحليل من أجله، فمن سأل مستفهما راغبا في العلم ونفي الجهل عن نفسه باحثا عن معنى يجب الوقوف في الديانة عليه فلا بأس به فشفاء العي السؤال، ومن سأل متعنتا غير متفقه ولا متعلم فهو الذي لا يحل قليل سؤاله ولا كثيره. اهـ .

وروى البخاري و مسلم عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنعاً وهات، وكره لكم ثلاثاً قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال.

قال ابن حجر في فتح الباري: قال بعض الأئمة: والتحقيق في ذلك أن البحث عما لا يوجد فيه نص على قسمين، أحدهما: أن يبحث عن دخوله في دلالة النص على اختلاف وجوهها فهذا مطلوب لا مكروه بل ربما كان فرضا على من تعين عليه من المجتهدين، ثانيهما: أن يدقق النظر في وجوه الفروق فيفرق بين متماثلين بفرق ليس له أثر في الشرع مع وجود وصف الجمع أو بالعكس بأن يجمع بين متفرقين بوصف طردي مثلا فهذا الذي ذمه السلف، ورأوا أن فيه تضييع الزمان بما لا طائل تحته، ومثله الإكثار من التفريع على مسألة لا أصل لها في الكتاب ولا السنة ولا الإجماع وهي نادرة الوقوع جدا، فيصرف فيها زمانا كان صرفه في غيرها أولى ولاسيما إن لزم من ذلك إغفال التوسع في بيان ما يكثر وقوعه، وأشد من ذلك في كثرة السؤال، البحث عن أمور مغيبة ورد الشرع بالإيمان بها مع ترك كيفيتها، ومنها ما لا يكون له شاهد في عالم الحس، كالسؤال عن وقت الساعة وعن الروح وعن مدة هذه الأمة، إلى أمثال ذلك مما لا يعرف إلا بالنقل الصرف.

والكثير منه لم يثبت فيه شيء فيجب الإيمان به من غير بحث، وأشد من ذلك ما يوقع كثرة البحث عنه في الشك والحيرة. اهـ .

فلا ينبغي لك أيها السائل الكريم أن تشغل نفسك بهذه المسائل، والأولى أن يشغل العبد وقته بطاعة الله عز وجل وتعلم العلم الشرعي، ولا يسأل عما لا يعنيه ولا فائدة له فيه، ثم إن من أركان الإيمان الإيمانُ باليوم الآخر وما يشمله من البعث، كما يجب أن تؤمن بقدرة الله عز وجل، فلا يشك مسلم في قدرة الله عز وجل على بعث الموتى، ولو قدر أن رجلاً مات بالمريخ فلا شك أن الله قادر على بعثه، ولا حاجة لنا للتكلف والبحث هل سيرسل الله عليه مطراً - كما يرسله على غيره من الموتى فينبتون منه كما في حديث أبي هريرة الذي في الصحيحين – أم يبعثه بغير ذلك .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني