الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حرمة النميمة وضابطها وأحوالها

السؤال

بعد أن أديت فريضة الحج والحمد لله، ورجعت إلى بلدي وأنا موظفة لأني مضرة لست متزوجة، ووالدي متوفى، وكل أخ عنده راتبه، وأنا براتبي أعول نفسي أنا وأمي، وعندي أخ بالغربة يساعدنا بالمصاريف، وهو جزاه الله كل خير هو الذي دفع نفقات الحج إلي ولأمه. بالدائرة مطلوب مني مرات العصبية أو الحكي بأمور الشغل وتعرف الحساسيات التي تصير بين الموظفين، وفي البيت يعني الأمور العائلية كمثال أنه اليوم خالي عمل فينا كذا، وأحكي مع والدتي. فهل يعتبر من النميمة التحدث بأمور العائلة، لا أريد أن تضيع حجتي ويكون ربي راضيا عني؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالنميمة حرام لا خلاف في حرمتها، وقد قال رسول الله في الحديث المتفق عليه: لا يدخل الجنة قتات. أي نمام.

جاء في التيسير بشرح الجامع الصغير ـ للمناوى: ولذلك قالوا النميمة من الخصال الذميمة تدل على نفس سقيمة وطبيعة لئيمة مشغوفة بهتك الاستار وكشف الأسرار، وقال بعض الحكماء: الأشرار يتبعون مساوئ الناس ويتركون محاسنهم، كما يتبع الذباب المواضع الوجعة من الجسد ويترك الصحيحة. وقالوا الساعي بالنميمة كشاهد الزور يهتك نفسه ومن سعى به ومن سعى إليه. ورأى بعضهم رجلا يسعى بآخر عند رجل فقال له: نزه سمعك عن استماع الخنا، كما تنزه لسانك عن النطق به، فإن السامع شريك المتكلم. انتهى.

وضابط النميمة المحرمة هو ماجاء في فتح الباري: وقال الغزالي ما ملخصه : النميمة في الأصل نقل القول إلى المقول فيه ، ولا اختصاص لها بذلك بل ضابطها كشف ما يكره كشفه سواء كرهه المنقول عنه أو المنقول إليه أو غيرهما ، وسواء كان المنقول قولا أم فعلا ، وسواء كان عيبا أم لا، حتى لو رأى شخصا يخفي ماله فأفشى كان نميمة. انتهى.

وعلى ذلك فلو تضمن هذا الكلام الذي تسألين عنه نقل أسرار الناس أو طعن بعضهم في بعض ونحو ذلك مما يكره كشفه فهو من النميمة المحرمة.

أما لو تضمن نقل الكلام وإفشاؤه حصول مصلحة أو دفع ضرر عن بعض المسلمين لا يمكن دفعه إلا بذلك، فإن النميمة حينئذ لا تكون محرمة.

جاء في إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام: فإن النميمة إذا اقتضى تركها مفسدة تتعلق بالغير أو فعلها مصلحة يستضر الغير بتركها لم تكن ممنوعة، كما نقول في الغيبة إذا كانت للنصيحة أو لدفع المفسدة لم تمنع، ولو أن شخصا اطلع من آخر على قول يقتضي إيقاع ضرر بإنسان، فإذا نقل إليه ذلك القول احترز عن ذلك الضرر لوجب ذكره له. انتهى.

ولمعرفة أبواب الغيبة المباحة والمشروعة تراجع الفتوى رقم: 6082.

ونحذرك من أن الكبائر تبطل ثواب الأعمال الصالحة فالله سبحانه يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ {محمد:33}

جاء في تفسير القرطبي: ولا تبطلوا أعمالكم أي حسناتكم بالمعاصي، قاله الحسن. وقال الزهري: بالكبائر. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني