الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الآثار السيئة لسباب المسلم وسبل دفعها

السؤال

أنا رجل متزوج منذ سبع سنوات، ومنذ حوالي عام ونصف حدث خلاف بين زوجتي وأمي وأبي وذلك بأن دار حديث بخصوص عملها وكذلك بسب بعض الكلام كان قد بدر من والدها معي فقامت هي بأعلى صوتها وقام أبي بسب أبيها فلم تحتمل هي فقالت له احترم نفسك. ومنذ ذلك الحين وأهلي يمنعونها من الزيارة عندهم ويقولون لي أن آتي أنا والأطفال فقط . ولكن في الفترة الأخيرة بدأت أمل من هذا الحال وأطفالي بدؤوا بسؤالي لماذا ماما لا تذهب معنا وبدأ الناس من جيران أهلي يسألوني عن سبب عدم قدوم زوجتي معي إلى أهلي. مع العلم أن أهلي لا يريدونها أن تأتي حتى في العيد . فما حكم هذه الحالة شرعاً، وما الطريقة لآنهي هذه المشكلة.
أرجو مساعدتي حيث إني لم أعد أستطيع أن أنقل الأطفال معي ولكن أذهب لوحدي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا علم لنا بتفاصيل ما حدث من تشاحن بين زوجتك وأهلك, ولكنا في ضوء ما ذكرت لنا نرى أن أباك - سامحه الله وعفا عنه – هو من أخطأ في حق زوجتك حينما سب والدها أمامها, فسباب المسلم لا يجوز وهو من موجبات الفسق؛ كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق.

ولا شك أن سب والدها أمامها يشعرها بالحرج والخزي, وقد نص العلماء على عدم جواز سب الكافر إذا ترتب على سبه إيذاء قريبه من المسلمين. جاء في سبل السلام قال ابن رشد: إن سب الكافر يحرم إذا تأذى به الحي المسلم. انتهى.

فما بالك إذا كان السب لمسلم وكان الأذى بسبه يلحق مسلما, وليس مجرد مسلم بل له مع حقوق الإسلام حق المصاهرة والرحم, لا شك أن هذا مما يضاعف الإثم ويعظم الجرم، وكان الأولى بزوجتك مع هذا أن تصبر وتكظم غيظها, إذ هو بمثابة والدها, ولكن ما حدث منها من رد - على أي حال- ليس فيه تعد ولا تجاوز مقارنة بما كان من أبيك.

فعليك أن تعلم والديك بهذا الذي ذكرنا, وأن تعلمهم بحرمة هجرها, لأن هجر المسلم فوق ثلاثة أيام من المحرمات، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه الترمذي وغيره واللفظ له، وقال الألباني : حديث صحيح .

وجاء في سنن أبي داود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار. صححه الألباني, بل قد جاء وعيد شديد فيمن هجر أخاه سنة، فقد روى أحمد وأبو داود وغيرهما أن رسول الله صلى الله ‏عليه وسلم قال: من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه. صححه الألباني.

جاء في فيض القدير: أي مهاجرته سنة توجب العقوبة كما أن سفك دمه يوجبها، والمراد اشتراك الهاجر والقاتل في الإثم لا في قدره، ولا يلزم التساوي بين المشبه والمشبه به، ومذهب الشافعي أن هجر المسلم فوق ثلاث حرام إلا لمصلحة كإصلاح دين الهاجر أو المهجور أو لنحو فسقه أو بدعته. انتهى .

فاطلب من والديك إصلاح ما بينهما وبين زوجك مراعاة لحق الله أولاً ثم مراعاة لخاطر أولادك الصغار حتى لا ينشأوا ويشبوا على الخلافات والشقاقات بين أهل أبيهم وأمهم، فحق هؤلاء الصغار أن يربوا على مكارم الأخلاق وسلامة الصدر, وحرض زوجتك أيضا على صلة والديك وتطييب خاطرهما فهما بمثابة والديها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني