الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المطلوب من المستشار الإنصاف

السؤال

طلبت مني الاستشارة في سعر أرض عندما أراد أحد الزملاء بيع أرضه، ورغب بها زميل لنا آخر وكان الأخير رجلاً تاجراً لا يرحم، بينما البائع لم يكن يفقه كثيراً في أمور التجارة وإنما أراد البيع للحاجة فقط, فعندما استشارني المشتري عن قيمة الأرض قلت له بسعر رأيته مناسباً للأرض وقد ملت مع البائع الضعيف، ولكن زميلنا المشتري لم يعتد بكلامي فقط وإنما استشار آخرين في سعر الأرض, فهل آثم بشيء في هذه الحالة؟ علماً بأني سألته لاحقاً بأنه من سعّر لك الأرض فقال زميلي فلان ولم يذكرني بدليل أنه لم يأخذ باستشارتي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن الخيانة والغش أن يستشار المرء فيشير على من استشاره بغير الحق والرشد؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أشار على أخيه بأمر يعلم أن الرشد في غيره فقد خانه. رواه أبو داود، وحسنه الألباني.

وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: المستشار مؤتمن. رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وصححه الألباني. قال السندي: أَيْ أَمِين فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَخُون الْمُسْتَشِير بِكِتْمَانِ الْمَصْلَحَة وَالدَّلَالَة عَلَى الْمَفْسَدَة. اهـ.

فميل السائل الكريم مع البائع فيه تضييع للأمانة، ولا يشفع له في ذلك كون البائع محتاجا أو ضعيفا، وقد كان يكفيه أن ينصف كلا من البائع والمشتري بذكر السعر المناسب بغض النظر عن حالهما، فقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا. {النساء: 135}.

قال ابن كثير: يأمر تعالى عباده المؤمنين أن يكونوا قوامين بالقسط، أي بالعدل، فلا يعدلوا عنه يمينا ولا شمالا ولا تأخذهم في الله لومة لائم، ولا يصرفهم عنه صارف .... وقوله: إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا. أي: لا ترعاه لغناه، ولا تشفق عليه لفقره، الله يتولاهما، بل هو أولى بهما منك اهـ.

وراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 59428.

ولا يعفي السائل من هذا الخطأ أن المشتري لم يكتف بمشورته، وإن كان ذلك يخفف التبعة، ولهذا نوصيه بالتوبة والاستغفار.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني