الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الاستهزاء والسخرية من الآخرين

السؤال

أنا امرأة أعاني من مشكلة كبيرة وهي أنني دائما أتكلم عن الناس أحيانا بالخير وأحيانا باستهزاء. فبماذا تنصحونني كي أبتعد عن هذه الخصلة السيئة التي أكرهها ؟ وكيف أعمل على إيقاف من أمامي عن الكلام في أعراض الغير؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالذي ننصحك به هو أن تلزمي تقوى الله وأن تعلمي حرمة ما تفعلين من الاستهزاء بعباد الله، وأن هؤلاء الذي تسخرين منهم قد يكونون في حقيقة الأمر خيرا منك وإن بدا في الظاهر خلاف ذلك.

قال الله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ. {الحجرات : 11}.

قال ابن كثير رحمه الله:

ينهى تعالى عن السخرية بالناس، وهو احتقارهم والاستهزاء بهم، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: الكِبْر بطر الحق وغَمْص الناس. ويروى: وغمط الناس. والمراد من ذلك: احتقارهم واستصغارهم، وهذا حرام، فإنه قد يكون المحتقر أعظم قدرا عند الله وأحب إليه من الساخر منه المحتقر له. انتهى

ثم اعلمي أنك بهذا الفعل تمكنين هؤلاء الناس الذين تسخرين منهم من حسناتك يوم القيامة فيأخذونها بدون كره ولا تعب بعد أن تعبت أنت في كسبها وتحصيلها, فإن لم يكن لك حسنات حملوا عليك من أوزارهم وسيئاتهم بقدر ما أسأت إليهم وخضت في أعراضهم, وكفى بذلك حسرة ورادعا عن الوقوع في هذه المعصية.

ثم نوصيك بالإكثار من ذكر الله والصلاة فإنهما حرز للمرء أيما حرز من الوقوع في معصية الله.

قال سبحانه: إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ. {العنكبوت:45}.

جاء في تفسير البغوي: وقال عطاء في قوله: إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر. قال: ولذكر الله أكبر من أن تبقى معه معصية. انتهى.

وجاء في الحديث أن يحيى بن زكريا قال لبني اسرائيل :وآمركم بذكر الله كثيرا، و مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره فأتى حصنا حصينا فأحرز نفسه فيه، و إن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله تعالى. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني.

أما الأشخاص الذي يخوضون أمامك في أعراض الناس وعوراتهم ،فهؤلاء ينبغي عليك أن تذكريهم بحرمة ذلك الفعل وقبحه وأن هذا من الغيبة المحرمة، ويمكنك أن تستعيني في ذلك ببعض الفتاوى بينا فيها قبح الفعل وحرمته مثل الفتويين رقم: 98340، 6710.

فإن لم يستجيبوا لك في ذلك فعليك أن تعتزلي مجالسهم وتقومي عنهم، لأن الإنسان إذا لم يستطع إزالة المنكر عليه أن يزول عنه، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 29929.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني