الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم استبدال ذهب بذهب آخر أكثر وزناً وجمالاً مع دفع الفرق نقودا

السؤال

عنده ذهب، استبدله بذهب آخر أكثر وزناً وجمالاً، وأعطى الصائغ -بائع الذهب- الفرق نقوداً في نفس المجلس. فهل هذا جائز؟ وإذا لم يكن جائزاً فما الحل؟ وكيف يتوب من هذا الذنب؟ علماً أنه قد مضى على هذا الأمر حوالي 3 أشهر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأما عن هذه المعاملة وهي بيع ذهب بذهب متفاضلاً لأجل الصنعة، أو متماثلاً مع دفعِ قيمة زائدة لأجل الصنعة، فهي محرمة عند جماهير العلماء، خلافاً لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. ومذهبُ الجماهير هو الصواب بلا شك. قال ابن عبد البر: والسنة المجتمع عليها أنه لا يباع شيء من الذهب عيناً كان أو تبراً، أو مصوغاً ،أو نقرة، أو رديئاً، بشيء من الذهب إلا مثلاً بمثل يداً بيد، وكذلك الفضة عينها ومصوغها وتبرها والبيضاء منها والسوداء، والجيدة والرديئة سواء، لا يباع بعضها ببعض إلا مثلاً بمثل يداً بيد، من زاد أو نقص في شيء من ذلك كله أو أدخله نظرة فقد أكل الربا. انتهى.

وقال ابن هبيرة: أجمع المسلمون على أنه لا يجوز بيع الذهب بالذهب منفرداً، والورق بالورق منفرداً، تبرها ومضروبها وحليها إلا مثلاً بمثل، وزناً بوزن، يداً بيد، وأنه لا يباع شيء منها غائب بناجز. انتهى.

وقال العلامة العثيمين رحمه الله: ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلا بمثل، سواء بسواء، يدا بيدٍ.

وثبت عنه أنه قال: من زاد أو استزاد فقد أربى. وثبت عنه أنه أتي بتمر جيد فسأل عنه فقالوا: كنا نأخذ الصاع بصاعين، والصاعين بثلاثة، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم برد البيع وقال:هذا عين الربا. ثم أرشدهم أن يبيعوا التمر الردئ، ثم يشتروا بالدراهم تمرا جيدا.

ومن هذه الأحاديث نأخذ أن ما ذكره السائل من تبديل ذهب بذهب مع إضافة أجرة التصنيع إلى أحدهما انه أمر محرم لا يجوز، وهو داخل في الربا الذي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه.

والطريق السليم في هذا أن يباع الذهب الكسر بثمن من غير مواطأة ولا اتفاق، وبعد أن يقبض صاحبه الثمن فإنه يشتري الشيء الجديد، والأفضل أن يبحث عن الشيء الجديد في مكان آخر، فإذا لم يجده رجع إلى من باعه عليه واشترى بالدراهم وإذا زادها فلا حرج، المهم ألا تقع المبادلة بين ذهب وذهب مع دفع الفرق ولو كان ذلك من أجل الصناعة. انتهى.

وانظر الفتوى: 29266.

إذا علمت هذا، وعلمت أن هذه المعاملة محرمة، فالواجبُ على من أجرى هذه المعاملة التوبة النصوح إلى الله عز وجل، إن كان عالماً بالتحريم، وإلا فعليه التوبة من تقصيره في طلب العلم الواجب، ثم عليه فسخ هذه المعاملة، وأن يرد السلعة إلى البائع، ويسترد ثمنها، فقد نقل ابن المنذر رحمه الله عن علماء الأمصار أن من باع الذهب بالذهب متفاضلاً فقد أربى، والبيع مفسوخ. ذكره النووي في شرح المهذب.

فإن عجز عن ذلك، وكان قد تصرف في السلعة، أو تصرف البائع في الثمن، أو أبى البائعُ رد البيع، فلا شيء عليه إن شاء الله، وتكفيه التوبة النصوح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني