الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

يا شيخ، كيف أعامل الناس بالأخلاق؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمعاملة الناس بالأخلاق الحسنة تكون بمعاملتهم بما تحب أن يعاملوك به مما هو مباح شرعا، وبأن تحمل نفسك على معاشرتهم بجميل المعاشرة، من طلاقة الوجه، ولين الجانب، والتلطف في سياستهم، ومقابلة الحسنة بالسيئة، ونحو ذلك.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن. رواه أحمد والترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وحسنه الألباني.

قال في تحفة الأحوذي: وخالق الناس أمر من المخالقة، مأخوذ من الخلق مع الخلق؛ أي: خالطهم وعاملهم بخلق حسن أي: تكلف معاشرتهم بالمجاملة في المعاملة وغيرها، من نحو طلاقة وجه، وخفض جانب، وتلطف وإيناس وبذل ندى وتحمل أذى، فإن فاعل ذلك يرجى له في الدنيا الفلاح، وفي الآخرة الفوز بالنجاة والنجاح.

وقال المناوي في فيض القدير: أي تكلف معاشرتهم بالمجاملة من نحو طلاقة وجه، وحلم، وشفقة وخفض جانب، وعدم ظن السوء بهم، وتودد إلى كل كبير وصغير، وتلطف في سياستهم مع تباين طباعهم. يقال: فلان يتخلق بغير خلقه؛ أي: يتكلف وجمع هذا بعضهم في قوله: وأن تفعل معهم ما تحب أن يفعلوه معك، فتجتمع القلوب وتتفق الكلمة، وتنتظم الأحوال وذلك جماع الخير وملاك الأمر. اهـ.

وفي شرح الأربعين النووية: وقوله: وخالق الناس بخلق حسن. معناه : عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به، واعلم أن أثقل ما يوضع في الميزان الخلق الحسن وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا. وحسن الخلق من صفات النبيين والمرسلين وخيار المؤمنين، لا يجزون بالسيئة السيئة بل يعفون ويصفحون ويحسنون مع الإساءة إليهم.

وقال ابن رجب في جامع العلوم والحكم: وقد روي عن السلف تفسير حسن الخلق، فعن الحسن قال: حسن الخلق الكرم والبذلة والاحتمال.

وعن الشعبي قال: حسن الخلق البذلة والعطية والبشر الحسن. وكان الشعبي كذلك.

وعن ابن المبارك قال: هو بسط الوجه وبذل المعروف وكف الأذى.

وسئل سلام بن أبي مطيع عن حسن الخلق فأنشد شعرا فقال:

تراه إذا ما جئته متهللا كأنك تعطيه الذي أنت سائله

ولو لم يكن في كفه غير روحه لجاد بها فليتق الله سائله

هو البحر من أي النواحي أتيته فلجته المعروف والجود ساحله.

وقال الإمام أحمد: حسن الخلق أن لا تغضب ولا تحقد. وعنه أنه قال: حسن الخلق أن تحتمل ما يكون من الناس.

وقال إسحاق بن راهويه: هو بسط الوجه وأن لا تغضب. ونحو ذلك قال محمد بن نصر.

وقال بعض أهل العلم: حسن الخلق كظم الغيظ لله وإظهار الطلاقة والبشر إلا للمبتدع والفاجر، والعفو عن الزالين إلا تأديبا، وإقامة الحد، وكف الأذى عن كل مسلم ومعاهد إلا تغيير منكر وأخذا بمظلمة لمظلوم من غير تعد.

وهذا كله من حيث الإجمال، أما إذا أردت كلاما مفصلا عن كل خلق من الأخلاق على حدة فإن المقام لا يتسع لذلك، ويمكنك البحث عن ذلك في كتب الآداب والأخلاق والرقاق، وكذلك الفتاوى الموجودة في الموقع عن الأخلاق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني