الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوفاء بالوعد بين الوجوب والاستحباب

السؤال

أنا موظفة في وزارة، وبحكم أن الدوام قصير، فإنني أعمل بعد الظهر لحسابي الخاص لشركات وأنا في المنزل علما بأنني مصممة جرافيكس.
إحدى زبنائي طلبت مني تصويرا لمنتجاتها، و بما أنني لست محترفة ممتازة في التصوير اتجهت إلى زميل لي في الوزارة وهو مصور وأخبرته بحاجتي إليه ليصور منتجات لأحدى زبنائي وليحدد هو تكلفته الخاصة، وهذا الزميل فعلا بحاجة إلى رزق آخر لأن معاشه قليل، وأنا بدوري أحببت مساعدته.
لكنني اليوم أشعر بندم لأنني أخبرته عن عملي الخاص، وبدأ كثير التردد علي ليسأل ماذا حدث للتصوير ومتى ؟ الخ.
لم أعد أشعر بالارتياح للتعامل معه، وأريد الانسحاب وأقول له أي عذر عن توقف العمل مع الزبونة كحجة لإبعاده، فهل أعتبر قاطعة لرزق هذا الإنسان؟ هل سيحاسبني الله لأنني تركته يعيش في أمل؟ والآن أخيب أمله. مع العلم أنني لم أعده بل قلت له من البداية إن هناك احتمال الرفض.
أشعر بالندم وتأنيب الضمير وجهوني.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كنت قد وعدت الرجل بإنجاز العمل عنده كما هو الظاهر، وقدرت على الوفاء فيستحب لك أن تفي بما وعدته به لأن الوعد يستحب الوفاء به على الراجح. قال النووي: أجمعوا على أن من وعد إنساناً شيئاً ليس بمنهي عنه فينبغي أن يفي بوعده، وهل ذلك واجب أو مستحب؟ فيه خلاف، ذهب الشافعي وأبو حنيفة والجمهور إلى أنه مستحب، فلو تركه فاته الفضل وارتكب المكروه كراهة شديدة، ولا يأثم يعني من حيث هو خلف، وإن كان يأثم إن قصد به الأذى، قال: وذهب جماعة إلى أنه واجب، منهم عمر بن عبد العزيز، وبعضهم إلى التفصيل، ويؤيد الوجه الأول ما أورده في الإحياء حيث قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا وعد وعداً قال: عسى، وكان ابن مسعود لا يعد وعداً إلا ويقول إن شاء الله تعالى، وهو الأولى، ثم إذا فهم مع ذلك الجزم في الوعد فلا بد من الوفاء إلا أن يتعذر، فإن كان عند الوعد عازماً على أن لا يفي به فهذا هو النفاق. انتهى.

وبناء عليه فليس في تراجعك عن ذلك الوعد بسبب الخوف من الحسد أو عدم الارتياح في التعامل معه ونحوه حرج، وإن كان الأولى هو الوفاء للرجل بإنجاز العمل عنده ما لم تخشي ترتب مفسدة على ذلك، وإذا لم يكن حصل منك وعد كما ذكرت فمن باب أولى ألا يكون عليك حرج في التراجع عما كنت تريدينه من إنجاز العمل عند ذلك الرجل، ولا تعتبرين قاطعة لرزقه على أية حال.

وللمزيد حول عمل الموظف مع غير جهة عمله في وقت دوامه الرسمي أو خارجه، وكذا ضوابط عمل المرأة مع الرجال انظري الفتاوى التالية أرقمها: 52476، 3539، 110211.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني