الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حقيقة الشرك وكيف يتجنبه المرء

السؤال

ما حكم تعظيم شخص ومساواته بالله؟ وكيف يتجنب الشرك؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فتعظيم شخص ومساواته بالله بأن يقوم بقلب الإنسان من إجلال المحبوب وتعظيمه ما يقتضي أن يمتثل أمره ويجتنب نهيه ويساويه بالله في ذلك أو يقدمه عليه، هذا شرك أكبر، فإن للعبادة ركنين: المحبة، والتعظيم، وهما أساسها، قال ابن القيم في مدارج السالكين: وأما الشرك فهو نوعان: أكبر، وأصغر، فالأكبر: لا يغفره الله إلا بالتوبة منه، وهو أن يتخذ من دون الله ندا يحبه كما يحب الله وهو الشرك الذي تضمن تسوية آلهة المشركين برب العالمين، ولهذا قالوا لآلهتهم في النار: تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ* إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ.

مع إقرارهم بأن الله وحده خالق كل شيء وربه ومليكه وأن آلهتهم لا تخلق ولا ترزق ولا تحيي ولا تميت، وإنما كانت هذه التسوية في المحبة والتعظيم والعبادة كما هو حال أكثر مشركي العالم، بل كلهم يحبون معبوداتهم ويعظمونها ويوالونها من دون الله.

وقال ابن عثيمين ـ رحمه الله: العبادة مبنية على شيئين: المحبة، والتعظيم، فبالمحبة يكون الرجاء وفعل الأوامر، طلباً للوصول إلى محبة الله عز وجل وثوابه، والتعظيم - وهو الأساس الثاني للعبادة - به يترك الإنسان المناهي التي نهى الله عنها، لأنه بتعظيمه لله يترك مناهيه ويخاف من عقابه. فتاوى نور على الدرب.

وانظر للفائدة في الفتويين رقم: 114909، ورقم: 116438.

ومن وسائل تجنب الشرك: سد الذرائع المفضية إليه، كما نهينا عن الصلاة إلى القبور وبناء المساجد عليها لئلا يؤدي إلى تعظيم المقبور.

تجنب الألفاظ الشركية ولو لم يقصدها الإنسان، كما نهينا عن الحلف بغير الله، وعن قول عبدي وأمتي للرقيق.

مفارقة ما يدعو إلى التعلق من الصور والآثار ـ مرئية كانت أو سمعية أو غير ذلك ـ وهذا أحد وجوه الحكمة في تحريم التصوير، وانظر الفتويين رقم: 14116، ورقم: 57783.

الاعتدال في محبة الأشخاص، ففي الحديث: أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما. رواه الترمذي والبيهقي والطبراني وغيرهما، وصححه الألباني.

الأعتدال في الثناء والمدح، قال عليه الصلاة والسلام: لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبده فقولوا عبد الله ورسوله. رواه البخاري.

الإطراء: مجاوزة الحد في المدح.

تعلم العقيدة الصحيحة وما يضادها من البدع والعقائد المنحرفة، فبضدها تتبين الأشياء، ومن أفضل الكتب التي تحدثت عن أنواع الشرك وصوره تفصيلاً كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ وكذلك شروحه النفيسة، والتي من أيسرها وأجمعها شرح فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ وأخيراً الدعاء، كما كان إبراهيم عليه السلام يدعو بأن يجنبه الله الشرك، قال تعالى: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ {إبراهيم:35}.

وفي مسند أحمد ومعجم الطبراني من حيث أبي موسى الأشعري قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: أيها الناس اتقوا هذا الشرك، فإنه أخفى من دبيب النمل، فقال له من شاء الله أن يقول: وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله؟ قال: قولوا: اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئاً نعلمه ونستغفرك لما لا نعلم.

قال الألباني: حسن لغيره.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني