الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تعمد الكذب دفعا للضرر عن النفس

السؤال

أنا طبيب شركة نفطية، بعض الأوقات يأتي إلي مرضى من شركات أخرى لنا لست مسؤولا عنهم لديهم طبيبهم لكن مكانه بعيد قليلا فأضطر أن أكذب عليهم بأنه لا يوجد لدي العلاج أو كمل علي، لأنني لو قلت لهم معي ولم أعطهم سيعملون لي مشكلة قد توصل إلى القتل ولكني (أعالج الحالات الطارئة) أما الحالات الباردة أعاينهم وأكتب لهم العلاج المطلوب فقط. فهل الأسلوب الذي أتبعه صح أم خطأ؟ وإذا كان خطأ فانصحوني ماذا أفعل؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمراد السائل غير واضح، والذي فهمناه من السؤال أن الطبيب السائل يأتيه مرضى من خارج شركته التي يعمل معها، وأنه يكذب أحياناً مخافة الضرر على نفسه، والذي قد يصل إلى القتل. فإن كان كذلك فبداية لا بد من التنبه إلى أن السائل أجير خاص عند المؤسسة التي يعمل معها، ولا يجوز له الخروج عن نظامها وما تعاقد عليه معها، فإن كان نظامها لا يسمح بصرف العلاج إلا لفئة معينة فيجب الالتزام بذلك، وراجع في هذا الفتوى رقم: 118294.

وإن خاف على نفسه ضرراً فإنه لا يجوز له اللجوء للكذب ما دام يقدر على استخدام المعاريض لتفادي ذلك، والمعاريض جمع معراض، وهو ذكر لفظ محتمل يفهم منه السامع خلاف ما يريده المتكلم، وراجع في ذلك الفتويين: 29954، 127200.

فإن لم يستطع دفع الضرر عن نفسه إلا بالكذب جاز له ذلك للضرورة، وحد الضرورة أن يغلب على الظن وقوع المرء بسببها في الهلكة، أو أن تلحقه بسببها مشقة لا تحتمل.

قال ابن الجوزي في كشف المشكل: الكذب ليس حراماً لعينه، بل لما فيه من الضرر، والكلام وسيلة إلى المقاصد، فكل مقصود محمود يمكن أن يتوصل إليه بالصدق والكذب جميعاً فالكذب فيه حرام، وإن أمكن التوصل إليه بالكذب دون الصدق فالكذب فيه مباح إذا كان تحصيل ذلك المقصود مباحاً، وواجب إذا كان المقصود واجباً.... إلا أنه ينبغي أن يحترز عنه ويوري بالمعاريض مهما أمكن. انتهى.

وراجع في ذلك الفتويين: 110606، 116455.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني