الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شرط صحة جمع الصلاة من أجل المطر

السؤال

صلينا المغرب وعند الانتهاء أقام المؤذن لصلاة العشاء جمعا، ولكن المطر لم يكن يهطل بالخارج وصلينا العشاء جمعا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالجمع بين الصلاتين لأجل المطر من الرخص التي وسع الله بها على عباده ورفع عنهم الحرج، والرخصة في الجمع للمطر هي مذهب الجماهير من السلف والخلف.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فهذه الآثار تدل على أن الجمع للمطر من الأمر القديم المعمول به بالمدينة زمن الصحابة والتابعين، مع أنه لم ينقل أن أحدًا من الصحابة والتابعين أنكر ذلك فعلم أنه منقول عندهم بالتواتر جواز ذلك. انتهى.

وقد دل على ذلك حديث ابن عباس عند مسلم، وأن النبي صلى الله عليه وسلم: جمع في المدينة من غير خوف ولا مطر. فدل بوضوح على أن الجمع في المطر رخصة.

قال شيخ الإسلام: هذا الكلام يدل على أن الجمع لهذه الأمور أولى، وهذا من باب التنبيه بالفعل؛ فإنه إذا جمع يرفع الحرج الحاصل بدون الخوف، والمطر، والسفر، فالحرج الحاصل بهذه أولى أن يرفع، والجمع لها أولى من الجمع لغيرها. انتهى.

ولكن شرط جواز الجمع في المطر أن يكون العذر وهو المطر موجودا حال استباحة الرخصة، لأن الجمع مع عدم نزول المطر جمع بغير عذر، ولذلك اشترط كثير من الفقهاء وجود المطر عند افتتاح الأولى لأنه وقت النية، وعند افتتاح الثانية لأنه وقت استباحة الرخصة.

قال في مغني المحتاج: ( وشرط التقديم ) بعد شروطه السابقة في جمعه بالسفر ( وجوده ) أي المطر ( أولهما ) أي الصلاتين لتحقق الجمع مع العذر ( والأصح اشتراطه عند سلام الأولى ) ليتصل بأول الثانية ويؤخذ منه اعتبار امتداده بينهما وهو ظاهر ولا يضر انقطاعه فيما عدا ذلك. انتهى.

وقال البهوتي في الروض المربع: ( و) الثالث (أن يكون العذر) المبيح (موجودا عند افتتاحهما وسلام الأولى) لأن افتتاح الأولى، موضع النية وفراغها، وافتتاح الثانية موضع الجمع. انتهى.

وبه يتبين لك أن جمعكم مع عدم وجود المطر عند افتتاحكم الصلاة الثانية وقع غير مجزئ، إلا أن يوجد سبب آخر من أسباب إباحة الجمع كوحل مثلا فيصح جمعكم.

قال في كشاف القناع: فلو أحرم ناوي الجمع ( بالأولى ) من المجموعتين ( مع وجود مطر ثم انقطع ) المطر ( ولم يعد فإن حصل وحل ) لم يبطل الجمع لأن الوحل من الأعذار المبيحة وهو ناشئ من المطر فأشبه ما لو لم ينقطع المطر ( وإلا ) أي وإن لم يحصل وحل ( بطل الجمع ) لزوال العذر المبيح له. انتهى.

وبهذا يتبين لك أن الواجب عليكم إذا كنتم قد جمعتم مع عدم وجود عذر يبيح الجمع أن تعيدوا تلك الصلاة فإنها لم تقع صحيحة ولا مسقطة للفرض، وهي دين في ذمتكم لا تبرأون إلا بقضائها لقوله صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضى. متفق عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني