الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المطلوب فعله لو امتنع المظلوم العفو عمن ظلمه

السؤال

لو أن شخصا ظلمته بغيبة أو بسب له أمامه ثم بعد ذلك قلت له سامحني على كل شيء. فهل أستحل منه المظلمة؟ ولو أننا فرضنا أنه رفض أن يسامحني فهل سيغفر الله لي لأنني قمت بما ينبغي علي تجاهه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن المعلوم بالضرورة عند كل مسلم أن الظلم والغيبة والسب.. من المحرمات الكبيرة، فقد قال الله تعالى في الحديث القدسي: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا.. الحديث رواه مسلم، وقال تعالى: ولا يغتب بعضكم بعضا.. الآية ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق.. الحديث متفق عليه.

ولذلك فإن على من وقع في شيء مما ذكر أن يبادر بالتوبة النصوح إلى الله تعالى وأن يستسمح من وقع في عرضه ويسترضيه حتى يسامحه، فإن حقوق العباد مبنية على المشاحة، ولا يغفرها الله حتى يغفرها صاحبها.

فقد روى الإمام أحمد في المسند وغيره أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: الدواوين عند الله عز وجل ثلاثة: ديوان لا يعبأ الله به شيئا، وديوان لا يترك الله منه شيئا، وديوان لا يغفره الله، فأما الديوان الذي لا يغفره الله: فالشرك بالله. قال الله عز وجل: إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ. {المائدة:72} وأما الديوان الذي لا يعبأ الله به شيئا فظلم العبد نفسه فيما بينه وبين ربه من صوم يوم تركه أو صلاة تركها فإن الله عز وجل يغفر ذلك ويتجاوز إن شاء، وأما الديوان الذي لا يترك الله منه شيئا فظلم العباد بعضهم بعضا.

وفي صحيح مسلم أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال : لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء. وانظر الفتوى: 3944.

وسبق أن بينا أن المعصية التي تتعلق بحق آدمي يشترط فيها مع شروط التوبة المعروفة شرط رابع وهو أن يبرأ من حق صاحبها وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة ومالك كما في كتاب التوبة لابن القيم، انظر الفتوى رقم: 18180، فحقوق العباد لا بد أن يسامحوا فيها أو يأخذوا مقابلها من حسنات الظالم، وإذا لم تكن له حسنات أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه؛ كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ولا شك أن الأفضل للمظلوم أن يسامح ويعفو لينال بذلك الأجر والثواب عند الله. فقد قال تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ. {الشورى:40}.

وإذا رفض المظلوم التنازل عن حقه فإن على من ظلمه أن يكثر من النوافل وأعمال الخير.. والدعاء لمن ظلمه بظهر الغيب ويذكر محاسنه في المجالس وخاصة التي اغتابه أو سبه فيها لعل الله تعالى أن يرضى عنه فيرضي عنه من ظلمه.

وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 109032.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني