الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العرض من الضرورات التي جاءت الشريعة بحفظها

السؤال

كذب علي شخص وقذفني بما أنا بريء منه، لأنه كان يريد ابنت عمه التي تقدمت لخطبتها فوافقت علي ورفضته، فأراد أن يبعدني عنها وعن عائلتها ـ بأية طريقة ـ وسبب لي مشكلة كبيرة بسبب هذه الكذبة، وعندي استعداد ـ وبالدليل القاطع ـ أن أرد عليه هو ومن تعاون معه في حدوث هذه الفتنة، وأستطيع أن أدافع عن نفسي في أقل من يوم وبالدليل القاطع، ولكن أعرف أنني لو دافعت عن نفسي سوف أضر غيري مضرة كبيرة ـ أقصد الذي كذب وتعاون مع هذا الشخص في إلحاق الضرر بي بسبب كذبهما علي ـ وبعد مدة اتضح أن هذا الشاب ـ ابن عم الفتاة الذي حاول التفريق بيني وبين الفتاة وعائلتها ـ مصاب بالوباء الكبدي وتحولت حياته إلى جحيم. فهل أدافع عن نفسي وأكمل وأثبت براءتي مما نسب إلي ـ بدون وجه حق وبدون تثبت؟ أم أنني أترك أمره لله هو وصاحبه الذي ساعده على ذلك؟ علما بأن أخا الفتاة صديق لي وحامل لكتاب الله وصدق الكذب الذي كذبه ابن عمه عني، وكان في البداية موافقا على خطبتي لشقيقته، والآن يرفض رفضا قاطعا بسبب هذه الكذبة. ولم أعد أعرف كيف أتصرف؟ وأريد فتاوى أو مساعدة منكم، لكي أعرف كيف أتصرف؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أخطأ هذا الشخص خطئا كبيرا عندما رماك بالباطل والزور دون وجه حق، فإن عرض المسلم مصون شرعا، ولا يجوز اتهامه بما هو بريء منه، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه وماله وعرضه. رواه مسلم.

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال، وليس بخارج. رواه أبو داود وغيره، وصححه الألباني. وردغة الخبال: هي عصارة أهل النار.

وإنا لننصحك بالعفو عن هذا الشخص والصفح عنه ومقابلة إساءته بالإحسان، فقد ندب الله سبحانه عباده إلى العفو والصفح بقوله: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ. { النور: 22 }. وقوله جل وعلا: وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ. { الشورى: 40 }.

ولكن إن كان سيترتب على العفو ضرر لك أو طعن في عرضك وتشويه لسمعتك بين الناس فلك ـ حينئذ ـ أن تبين وجه الحق بما يبرئك، ولو أدى ذلك إلى فضيحتهم واكتشاف الناس لكذبهم وباطلهم؛ لأن حفظ العرض من الضرورات التي جاءت الشريعة بحفظها. جاء في الحديث المتفق عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مع صفية ـ رضي الله عنها ـ فمر رجلان من الأنصار فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: على رسلكما إنها صفية بنت حيي، فقالا سبحان الله، يا رسول الله، قال: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شرا ـ أو قال شيئا.

جاء في شرح السنة للإمام البغوي: وفي الحديث استحباب التحرز عن مظان السوء وطلب السلامة من الناس بإظهار البراءة.

انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني